الجمعيات التعاونية.. سرقات بأرقام فلكية!

الجمعيات التعاونية.. سرقات بأرقام فلكية!

تعاني الحركة التعاونية في البلاد مشاكل كثيرة ومتكررة في جميع مفاصلها، ولا تكاد تخلو جمعية من وجود ملاحظات أو أخطاء سواء كانت متعمدة أو غير ذلك، باختلاف حجمها وقيمة التجاوز المالي فيها.
وبالنظر الى حجم تلك التجاوزات المتكررة يعتقد الشخص العادي ان تلك الجمعيات لا سلطان عليها ولا رقابة بحيث أصبحت أموال المساهمين في كثير من الجمعيات «لقمة سائغة» بين أيدي ضعاف النفوس من أعضاء الجمعيات الذين استهان الكثير منهم بالقانون والجهة الرقابية المشرفة على الحركة التعاونية وهي وزارة الشؤون.
وسمعنا وشاهدنا مراراً وتكراراً حوادث نهب وسرقة لأموال المساهمين عبر مداخل ومخارج كثيرة يختلقها هؤلاء الأعضاء الفاسدون في ميزانيات الجمعيات، وأصبحت تصب في «جيوب» وحسابات القلة من الأعضاء بدلاً من ان تذهب الى مجالاتها الطبيعية كأرباح للمساهمين أو خدمات تقدم لابناء المنطقة.
في مثل هذا الوضع نرى ان وجود الشؤون ورقابتها مثل عدمهما «في الحركة التعاونية»، التي غدت «تمشي على البركة» وأصبحت الطريقة الوحيدة لاكتشاف عمليات السرقة ونهب أموال المساهمين، ان يكون من بين أعضاء مجلس الإدارة من تمنعه أخلاقه ومبادئه من المشاركة في سرقة أموال المساهمين، فيقوم بالابلاغ عن حادثة السرقة و«يفضح» مجلس الادارة لتقوم الوزارة بحله واحالة اعضائه الى جهات التحقيق.
ومؤخراً، قامت الشؤون بحل عدد من مجالس ادارات الجمعيات التعاونية لعدة أسباب تتنوع بين سرقة أموال مباشرة وصلت الى أرقام فلكية تجاوزت 4 ملايين دينار في بعض الجمعيات أو ادخال بضائع الى السوق أو صرف رواتب لتعيينات وهمية والتلاعب بمصروفات بند المعونة الاجتماعية وبند الانشاءات، الى جانب سرقة البضائع المجانية والتحويلات المالية، وذلك كله يتم عبر التحايل في صياغة البنود المالية في الميزانية لاخفاء ذلك عن رقابة الوزارة.
واليوم هناك قضايا منظورة أمام النيابة ضد عدد من الجمعيات وكذلك قضايا مسجلة في وزارة الداخلية سواء كانت جنحا أو جنايات.

اتحاد التعاونيات
التلاعب في الأسعار أبرز مخالفات الجمعيات

قال رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية علي حسن إن أبرز مخالفات الجمعيات التعاونية عدم الالتزام بقرارات الاتحاد الخاصة بالشراء والتسعير، وفي كثير من الأحيان يكون عدم الالتزام بالقرارات المتعلّقة بالأسعار المحددة من قبل الاتحاد لبعض السلع عن طريق السهو أو الخطأ من قبل الجمعية، إلا أن هناك بعض الجمعيات تخالف تلك القرارات. وعلى سبيل المثال قيام بعض الجمعيات بشراء سلع من بعض الموردين لم يسبق تحديد أسعارها من قبل الاتحاد، أو قيامها بقبول زيادة في أسعار بعض السلع بناء على طلب مورديها، رغم قيام الاتحاد أكثر من مرة بالتعميم على جميع الجمعيات بعدم شراء أي سلعة لم يسبق تحديد أسعارها من قبل الاتحاد، وعدم قبول أو رفع سعر أي سلعة إلا بعد اعتمادها من الاتحاد، وبمخاطبة الاتحاد عند رفض أي شركة من الشركات الموردة تزويد الجمعية بمنتجاتها مقابل زيادة أسعار بعض السلع.
كما يعد من قبيل مخالفات الجمعيات لقرارات الاتحاد توقف أو امتناع بعضها عن سحب سلع الاتحاد التي يوفرها تحت علامة التعاون لعرضها بأسواق وأفرع الجمعيات بأسعار تعاونية مميزة لحصول المواطنين والمستهلكين بصفة عامة على احتياجاتهم منها.
وأكد حسن لــ القبس أن الاتحاد يقوم بدور فاعل بتصحيح الأخطاء والملاحظات التي تقع من قبل الجمعيات مخالفة لقراراته والتي يرصدها أفراد جهاز التفتيش التابع للاتحاد والمختص بمراقبة أسعار السلع بالجمعيات، حيث يتم تنبيه أي جمعية بما يوجد من اختلاف بأسعار السلع بأسواقها أو أفرعها عن الأسعار المحددة من قبل الاتحاد، أو عن وجود سلع معروضة بأسعار لم يسبق إقرارها من قبل الاتحاد، ثم تتم متابعة الجمعية لإزالة تلك المخالفات بأسرع وقت ممكن، وفي حال عدم استجابة الجمعية يتم إخطار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتقوم باتخاذ ما يلزم حيال الجمعية لتنفيذ قرارات الاتحاد الملزمة لجمعياته العضوة.
كما يقوم الاتحاد بحث أي جمعية تتوقف عن سحب وعرض سلع الاتحاد «علامة التعاون» بأسواقها وأفرعها، وفي حالة عدم استجابة الجمعية يتم إخطار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بهذا الخصوص.

صور تجاوزات الجمعيات
1- تعيين عمالة تتجاوز حاجة الجمعية.
2- إبرام عقود من غير أخذ موافقة الجهات المعنية.
3- تضمين العقود بنوداً مجحفة على الجمعية.
4- اتباع سياسات مالية وتسويقية مخالفة للأصول المحاسبية.
5- الصرف من بند الخدمة الاجتماعية من دون وجود موارد تسمح بذلك.
6- انفراد باتخاذ قرارات دون الرجوع إلى مجلس الإدارة، وغير ذلك  من ممارسات.

المطيري:
%50 من الجمعيات لديها عجز سيولة وتجاوزات بعضها بالمعونه الاجتماعية
كشف وكيل وزارة الشؤون لقطاع التعاون د. مطر المطيري أن أول مكمن من مكامن الخلل والأخطاء هو وجود عجز سيولة لدى الجمعيات التعاونية (نحو 50 في المئة)، والسبب في ذلك هو صرف القيمة النقدية للبضائع مقدماً قبل أن يتم تصريفها.
وشدد المطيري في تصريح لـ القبس على ان أكبر الأخطاء التي تقع فيها مجالس الإدارات هو تسديد قيمة البضائع للتجار مقدماً، معتبراً ان الجمعيات التعاونية جهات عرض للبضائع وليست جهات بيع، بحيث إن البضائع التي لا تباع ترجع إلى التاجر.

تعيين وهمي
وأضاف: كذلك نواجه مشكلة فيما يخص التعيين الوهمي في الجمعيات، سواء من قبل العمالة الوطنية أو الوافدة، بحيث تكون هناك قوائم طويلة من الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من ميزانية الجمعية من دون أن يكون لهم أي إنتاجية على أرض الواقع.
وتابع: بالإضافة إلى عدم إلمام الكثير من أعضاء مجلس الإدارة بآلية الصرف على بند المنشآت، بحيث وجدنا ان كثيراً من شركات المقاولة والمكاتب الهندسية الاستشارية تستغل جهل بعض الأعضاء وتتلاعب في العقود التي توقعها مع الجمعيات، فلا تحدد موعداً لانتهاء المشروع، وتستمر الجمعية بدفع دفعات مالية وكأنها «حنفية» تصب في حسابات تلك الشركات والمكاتب.
وزاد: كما ان بعض الجمعيات تتعمد التلاعب من خلال صرفها في بند المعونة الاجتماعية خارج منطقة الجمعية وفي غير خدمة المساهمين، بحيث يتم استغلال هذا البند في صرف كوبونات مشتريات أو دعم اعتزال لاعبين على سبيل المثال.

رقابة مالية
وحول معالجة الوضع في الجمعيات وتلافي الأخطاء، كشف المطيري انه قام بتعيين مراقبين ماليين وإداريين في جميع الجمعيات لمراقبة سير العمل والإنجاز فيها، وذلك من خلال تطبيق الوزارة للقانون الجديد للجمعيات التعاونية، مؤكداً انه تم التشديد على المراقبين بمتابعة مكامن الخلل والتجاوزات والتأكد من إصلاح الوضع في الجمعية، ووقف الهدر فيها.
وكشف ان عدد المجالس المعينة في الوقت الحالي وصل إلى 14 مجلساً، مؤكداً ان جميع الجمعيات سوف تقيم انتخاباتها، سواء المعينة أو المنتخبة، قبل بداية شهر رمضان المقبل، مطالباً مجالس الإدارات بالالتزام بالقوانين واللوائح واتقاء الله في أموال المساهمين التي يديرونها.

«الشؤون»:
حل 10 مجالس إدارات لارتكابها مخالفات جسيمة خلال عام
كشف وكيل وزارة الشؤون المساعد لقطاع الشؤون القانونية، د. زكي السليمي، أن آلية حل مجالس الادارات تم تحديدها من خلال المادة رقم 35 بصيغتها الجديدة الصادرة بالقانون رقم 118 لسنة 2013 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 24 لسنة 79، الخاص بالجمعيات التعاونية، التي أجازت لوزير الشؤون إصدار قرار بحل مجلس الادارة بناء على توصية من لجنة تشكل للتحقيق، اذا ما ارتكب مجلس الادارة مخالفات جسيمة.
واوضح السليمي في تصريح ل‍ القبس أن توصيف المخالفة ما إذا كانت جسيمة من عدمه هي مسألة واقع، يقدّرها القطاع المشرف على الجمعيات التعاونية، وبسبب طبيعة عمل القطاع هو الأعرف بمصلحة الحركة التعاونية بشكل عام ومصلحة أعضاء الجمعية كمساهمين، والمحافظة على أموال هذه الجمعية، فكلما كان الفعل من شأنه المساس بالحركة التعاونية أو المساس بأموال المساهمين تعتبر مخالفة جسيمة تستوجب الحل.
وأضاف: الى جانب ذلك، فقد سبق أن صدر قرار من الوزير السابق بتشكيل لجنة ثلاثية تضم وكيل الوزارة، الى جانب الوكيلين المساعدين للشؤون القانونية والتعاون، بحيث ترفع توصية الى الوزير بحل مجالس إدارات أو عزل أحد الأعضاء بسبب ارتكاب المخالفات الجسيمة، وقامت هذه اللجنة بإصدار عدد من التوصيات بهذا الصدد بناء على تقارير لجان التفتيش على أعمال بعض الجمعيات، بحيث تقوم اللجنة برصد المخالفات المنسوبة الى مجلس الادارة وترفع الى اللجنة الثلاثية التي تقوم بدورها بدراسة التقرير وترفع توصيتها الى الوزير.

أنواع المخالفات
وبالنسبة للمخالفات التي يتم بناءً عليها حل مجلس الادارة، أوضح أن من يحدد تلك المخالفات هو قطاع التعاون، وأبرزها يتمثل في هدر أموال المساهمين، أما من خلال توظيف أعداد كبيرة من العاملين الوهميين، أو من خلال إبرام عقود مع مستثمرين من دون اعتماد الوزارة لها، وتتضمن هذه العقود شروطاً قد تكون مجحفة بحق الجمعية ومضرة بمركزها المالي، بالإضافة الى تنفيذ أعمال إنشائية من دون مراعاة للإجراءات التي تحددها القرارات التنظيمية الصادرة عن الوزارة.
ولفت السليمي الى ان هناك مخالفات تتكرر في ما يتعلق بآلية طرح الفروع المستثمرة، وإبرام العقود باسم الجمعية، سواء مع المستثمرين أو العاملين، وكذلك التصرف الخاطئ.
وحول عدد مجالس الادارات التي تم حلها مؤخرا، قال السليمي: لا يوجد لدي اي احصائية دقيقة بذلك، فقطاع التعاون هو المعني، وربما بلغ العدد خلال السنة الاخيرة قرابة 10 مجالس او يزيد.

آلية حل  المجالس
أجاز القانون لوزير الشؤون حل مجالس إدارات الجمعيات التعاونية، بناء على توصية يتضمنها تقرير لجنة التفتيش والمتابعة التي تشكلها الوزارة للعمل على التحقق من التجاوزات والملاحظات في تلك الجمعيات.

Wednesday, May 14, 2014