أفرع التموين.. سوء تخزين - مخلفات - مبان متهالكة

مبان قديمة، ذات مساحات ضيقة، مضى على بنائها عقود من الزمن، ايلة للسقوط، تفتقد أبسط إجراءات الأمن والسلامة، ولا تتوافر فيها ضوابط وشروط التخزين، بينما تتكدس المواد الغذائية فيها فوق بعضها بعضا بشكل عشوائي، هذا ما رصدته القبس في جولتها التي استمرت على مدار يومين على عدد من أفرع التموين في البلاد.
المراجعون للأفرع، أبدوا استياءهم وتذمرهم الشديدين من مبانيها، والتي وصفوها بـ«المتهالكة»، ووجهوا سؤالاً للمسؤولين المعنيين بالدولة وهو: متى سوف تتخذون اجراءاتكم تجاه الجمعيات التعاونية المخالفة، ممن وضعت أفرع التموين التابعة لها في دائرة مغلقة على مدار السنين، عنوانها «النسيان والاهمال»؟

البداية
بدأت جولتنا من منطقة العمرية، وتحديداً من فرع التموين الواقع في قطعة 5، والذي كانت القسائم السكنية تحيط به من جميع الاتجاهات، كان الفرع صغيراً في مساحته، وذا جدران متهالكة، وكان الموظفون يعانون من ضيق الممرات، فلا يوجد سوى ممر لموظف واحد، ورصدنا سوء تخزين للمواد التموينية بمختلف انواعها، حيث كانت متكدسة فوق بعضها بعضا بشكل عشوائي، وكانت أكياس كل من الأرز والطحين والسكر تلامس سقف الفرع.
رصدنا في الفرع أتربة ومخلفات تحت القواعد الخشبية وفي الزوايا والفواصل، ولم يكن بها خطوط مطافئ للحريق، مما يعني انه في حال نشوب حريق فستكون
العواقب وخيمة، وستأكل النيران المواد التموينية، التي صرفت الدولة أموالاً طائلة عليها، خلال دقائق معدودة.

تأهيل الفروع
يقول المواطن محمد الصالح، والذي جاء للفرع لصرف بطاقته التموينية: لا يختلف اثنان على أهمية فروع التموين بالنسبة إلى المستفيدين المسجّلين في نظام التموين من مواطنين وخليجيين و«بدون»، ونظراً لكون هذه الفروع هي إحدى الأدوات التي من خلالها تتم مواجهة ارتفاع الأسعار وتوفير السلع للمستحقين في حال الطوارئ وما شابه، فإنه من الملائم أن تكون في أفضل حالاتها بشكل دائم، لتكون مؤهلة لحفظ المواد التموينية، فلا يعقل أن تكون ذات جدران متهالكة ومساحات محدودة وفاقدة لشروط التخزين وإجراءات الأمن والسلامة.
والتقط أطراف الحديث المواطن محمد الوبدان قائلاً: معظم الفروع مساحتها صغيرة لا تتناسب مع حجم عدد الأفراد التابعة لها، وحجم المواد التموينية المخزنة فيها، مما يجعلها غير مؤهلة لإدراج أصناف جديدة في البطاقة التموينية، كاللحوم الحمراء وغيرها، ناهيك عن أن أجهزة الكمبيوتر فيها بطيئة جداً، حيث تتسبب في تأخر عملية الصرف، مما يؤدي إلى ازدحام المستفيدين بصورة لافتة للنظر.

سوء تخزين
انتقلنا إلى فرع تموين منطقة الرحاب، والذي يقع في قطعة 1، والذي لم يكن حاله يختلف كثيراً عن سابقه، خصوصاً من حيث البناء والمساحة، وعدم وجود خطوط مطافئ للحريق، كما رصدنا سوء تخزين المواد التموينية، حيث كانت أكياس الأرز وعلب الحليب وكراتين العدس مكدسة فوق بعضها البعض على قواعد من الألمنيوم والبلاستيك، بينما كان عدد الثلاجات والبرادات قليلاً جداً، وجميعها كانت ممتلئة بكراتين من الدجاج المجمد بأصناف مختلفة، بينما كانت النظافة في الفرع لا بأس بها إلى حد كبير.
يقول الشاب فهد السنعوس، الذي كان واقفا امام الفرع بانتظار مناداته باسمه لصرف بطاقته التموينية، أتمنى ان تتخذ وزارة التجارة اجراءات صارمة بحق إدارات المجالس التعاونية، التي تمتنع عن الالتزام بالضوابط والشروط الواجب توافرها في مباني فروع التموين، خصوصا ان عدداً من المسؤولين في الوزارة اكدوا خلال تصريحات لهم، نشرت في وسائل الإعلام قبل اشهر، ان اكثر من 22 جمعية تعاونية لا تلتزم في افرع التموين التابعة لها بالمواصفات المطلوبة، وتعاني من نواقص كثيرة، وان مفتشي الوزارة رصدوا فيها مخالفات كثيرة ومتنوعة، منها أوساخ وفئران وصراصير وأتربة وغير ذلك الكثير.

استيفاء الشروط
من جانبه، المواطن عبدالله المناحي ــ الذي كان خارجا من الفرع متوجها الى سيارته، ومعه عربة محملة بمواد تموينية متنوعة، من بينها الارز والسكر والعدس وغيرها ــ طالب وزارة التجارة بفصل المكتب والمطبخ والحمام وصالة استراحة العمال في جميع فروع التموين عن مكان صرف المواد التموينية، مع استيفاء شروط الامن والسلامة والشروط التخزينية، الى جانب توحيد آلية الصرف وساعات العمل فيها، اضافة الى تشكيل فريق اداري وفني مشترك، بالتعاون والتنسيق مع عدد من الجهات المعنية، كوزارة الشؤون وغيرها، للقيام بزيارات دورية الى فروع التموين، للتأكد من استيفاء جميع الشروط والتوصيات المنصوص عليها وفقا للوائح والقوانين، خصوصا مع تزايد الشكاوى من قبل الأهالي بسبب كثرة المخالفات فيها.

عدم التزام
في اليوم التالي توجهنا إلى فرع تموين منطقة تيماء، الذي لم تختلف حاله كثيراً عن حال سابقيه من حيث البناء والمساحة، كما لفت انتباهنا وجود مخالفات متنوعة فيه، من أبرزها عدم الالتزام بقرار تخزين المواد التموينية فوق هياكل معدنية مرتفعة، بما لا يقل عن 20 سم، لحفظها من التلف والحشرات وما شابه، حيث كان تخزين المواد على الأرض مباشرة، ورصدنا أيضاً تكديس أكياس وكراتين السلع التموينية بشكل عشوائي بلا تنسيق أو ترتيب.

غياب التطوير
التقينا المواطن عواد القصيم وسألناه عن تقييمه لمستوى أفرع التموين في البلاد، حيث قال: بالرغم من تضاعف أعداد المستحقين للمواد التموينية خلال السنوات الأربع الأخيرة، خصوصاً بعد منح أبناء «البدون» بطاقات تموينية، حالهم حال الكويتيين والخليجيين، فإن معظم أفرع التموين ــ مع الأسف الشديد طبعاً ــ بقيت على حالتها بلا تغيير أو تطوير إطلاقاً حتى الآن، وقد أصبح المراجعون يواجهون مشاكل وصعوبات في صرف بطاقاتهم التموينية طوال أيام الشهر.
وطالب القصيم الجمعيات التعاونية بافتتاح أفرع تموين جديدة، مع تأهيل الأفرع الحالية وتوسعتها بالشكل المناسب، وتزويدها بالمرافق والخدمات اللازمة، خصوصاً وانها تأخذ نسبة من ارباح بيع المواد التموينية من الدولة ممثلة بوزارة التجارة - وفقا لقوله - لا تقل عن 6 آلاف دينار شهريا.

السبب الرئيسي
من جانبه، قال الشاب عزيز النبهان، ان ضياع تبعية افرع التموين على مدار السنوات الماضية، ما بين كل من وزارتي التجارة والشؤون والجمعيات التعاونية، هو السبب الرئيسي من وجهة نظري في وصولها الى الحال التي هي عليه خلال الوقت الراهن، حيث اصبحت معظم الفروع والتي يصل عددها الى نحو 82 فرعا موزعة على مناطق كثيرة ومختلفة بالبلاد، تعاني من ضيق المساحة، وسوء التخزين، وضعف التبريد وقلة الموظفين.

طابور وانتظار
محطتنا الاخيرة كانت في فرع تموين منطقة «قسائم العثمان»، والذي كان صغيرا في مساحته، وكان المراجعون واقفين في طابور خارج الفرع تحت اشعة الشمس في وقت الظهيرة، منتظرين دورهم في الصرف، نظرا لعدم وجود مكان مخصص لهم للاستراحة والانتظار داخله، وكان يوجد باب صغير لتسليم المواد التموينية في الفرع، كان مخصصا للرجال والنساء معا، وكان لافتا وجود ازدحام مروري شديد في الشوارع المحيطة بالفرع، بسبب قلة مواقف السيارات المخصصة للفرع، والتي كان عددها قليلا جداً، في مقابل عدد كبير من سيارات الموظفين والمراجعين، الى جانب قيام بعض القاطنين في المنازل القريبة منه، بإيقاف مركباتهم بشكل عشوائي.

تصريحات المسؤولين
التقينا احد المواطنين، ويدعى سلطان الزبن، والذي كان خارجا من الفرع بعد صرف حصته التموينية، حيث بدأ حديثه متسائلاً: هل يعقل ان يكتفي عدد من المسؤولين في الجهات المعنية بالدولة، بالتصريح لوسائل الاعلام ان اغلب فروع التموين بها مخالفات وسلبيات ونواقص بالخدمات، وانها لا تلتزم بشروط وضوابط التخزين للمواد التموينية، من دون القيام بأي اجراءات تجاه الجمعيات التعاونية القائمة على تلك الافرع؟
وشدد على ضرورة قيام الجهات المعنية بجولات تفقدية وتفتيشية على افرع التموين بمختلف المحافظات الست بالبلاد، لمتابعة وضع النظافة فيها، ومخالفة كل جمعية مقصرة في ذلك الجانب، دون تردد او تقصير، وبشكل متساو دون تفرقة او تمييز بين جمعية واخرى.

التجارة: اتحاد التعاونيات يطالب بتسليمه إدارة الفروع
كشف مصدر مسؤول بوزارة التجارة لــ القبس ان اتحاد الجمعيات التعاونية تقدم بكتاب للمسؤولين في الوزارة، يطالبهم فيه بتسليمه ادارة فروع التموين بمختلف المحافظات الست بالبلاد، بعد تزايد المشاكل والسلبيات فيها، مشيراً الى ان الاتحاد
تعهد في كتابه، بإعادة تأهيل الأفرع المتهالكة، التي مضى على بنائها عقود من الزمن، وأصبحت تفتقد المرافق والخدمات بأنواعها.

لا التزام
رصدت القبس خلال جولتها عدم التزام عدد من أفرع التموين بقرار تخزين المواد الغذائية فوق هياكل معدنية مرتفعة بما لا يقل عن 20 سم لحفظها من الأتربة والحشرات، حيث كان التخزين على الأرض مباشرة، والسبب في ذلك يعود ربما لصغر مساحة الأفرع، والتي لم تكن تتناسب مع كمية المواد التموينية المتوافرة.

جولات رقابية وتفتيشية
علمت القبس ان وزارة التجارة قامت بإرسال كتاب الى بلدية الكويت أخيرا تطالبها فيه بالقيام بجولات رقابية وتفتيشية على أفرع التموين، واجراء اللازم من قبلها مع المخالف منها حفاظا على المصلحة العامة، خصوصا بعد تزايد الشكاوى من قبل الأهالي. وان البلدية، ممثلة بإدارة الرقابة والتفتيش بمحافظة مبارك الكبير، قامت خلال جولاتها بعد ذلك بإغلاق أحد أفرع التموين بمحافظة مبارك الكبير، بسبب عدم التزام القائمين على الفرع بالشروط الصحية والنظافة، وتم تحويل صرف المواد التموينية للمستهلكين بالفرع الى فرع آخر قريب منه.

مطالبات
طالب مواطنون بتوفير شاشات لعرض المنتجات التموينية المتوافرة في فروع التموين، مع وضع الاسعار بشكل واضح امام أعين المراجعين، إلى جانب توفير كراسي للانتظار داخل الفروع، مع الاهتمام بالنظافة والترتيب.