الجمعيات التعاونية والإصلاح

الجمعيات التعاونية والإصلاح

نشكر صحافتنا المحلية على تناولها قضايا الفساد وكيفية الإصلاح في البلد من كل الزوايا ونخص بالشكر جريدة «القبس» على تناولها قضية الفساد والمحسوبية في الجمعيات التعاونية، حيث إن محاربة الفساد والقضاء عليه في الجمعيات التعاونية هما البداية الحقيقية للإصلاح إذا كانت الحكومة ومجلس الأمة والشعب جادين في قضية الإصلاح في المرحلة القادمة.
السؤال البديهي الأول الذي علينا طرحه كشعب: هل نحن جادون حقاً في العمل على إصلاح البلد والقضاء على الفساد فيه سواء في الجمعيات التعاونية أو الإدارة الحكومية أو مؤسسات الدولة التابعة للحكومة؟
مفاهيم الإصلاح الحقيقية تعتمد على ترسيخ وتقديم الانتماء على أساس المواطنة والمساواة بين جميع المواطنين في الحقوق الأساسية بعيداً عن الدين والمذهب والانتماء القبلي أو الطائفي. ما نراه عملياً وفعلياً وواقعا أننا كشعب نختار اسوأ خلق الله وأفسدهم لتمثيلنا في المرافق التي فيها انتخابات سواء على مستوى الأندية الرياضية أو الاتحادات أو الجمعيات التعاونية أو المجلس البلدي وأخيراً مجلس الأمة.. لماذا نختار البشر الذين يسيئون لمصالحنا سواء في الجمعيات التعاونية أو الرياضية أو مجلس الأمة؟
الجواب بسيط وهو أننا لا نعرف ماذا تعني الديموقراطية وحرية الاختيار، فنحن ننتخب من يخدمنا ويخدم مصالحنا الذاتية والقبلية والطائفية، لقد شوهنا الديموقراطية لأن ثقافتنا الديموقراطية لا تزال متخلفة، فالولاءات القبلية والطائفية أبعدتنا عن أهم مبادئ الديموقراطية وهو قيام مجتمع مدني نشيط يكون قادته بعيدين جداً عن الولاءات الجانبية حتى يستطيع هؤلاء القادة بناء مستقبلنا بعيداً عن الفوائد والمصالح الذاتية والقبلية والطائفية وبعيدين جداً عن مفهوم اقتسام الغنائم والمحاصصة الطائفية والحزبية.
إن نجاح الكويت في تحقيق الأمن والاستقرار والديموقراطية والقضاء على الفساد المتفشي في الجمعيات التعاونية وأجهزة الدولة وبيروقراطيتها يمكن قياسه بنجاح المجتمع الكويتي في دخول عصر الحداثة كما حصل لدول وشعوب أخرى سبقتنا سواء دول غربية أو دول العالم الثالث مثل الهند وجنوب أفريقيا.
مأساتنا الكبرى في الكويت هي تحويل طموحات المواطنين في تحقيق اهدافهم الكبرى مثل تثبيت دولة القانون والعدالة والمساواة والانتقال الديموقراطي للأفضل إلى عبث ولهو ولهث يومي للنواب لتحقيق مصالحهم الذاتية القصيرة من خلال التلاعب بمشاعر الناخبين بإطلاق وعود ومشاريع شعبوية مكلفة على حساب المال العام.. الطريف أن الحكومات السابقة كانت ترضخ لمطالب النواب مهما كانت طبيعتها مكلفة.. الآن وبعد تحذيرات البنك الدولي وصندوق النقد بدأت الحكومة تفكر بسياسات جديدة واجراء اصلاحات جادة.
وأخيرا نرى أن على الحكومة إذا كانت جادة في الإصلاح أن تعمل على اجراء الاصلاحات في الجمعيات التعاونية والغاء فكرة الدعم الحكومي لهذه الجمعيات وفتح حوار جاد مع الأهالي حول تحويل الجمعيات إلى شركات خاصة يكون المساهم الأكبر فيها أهالي المنطقة، هنا في حالة دفع المواطن أمواله للشركة يحق له مراقبتها ومحاسبة مجلس الإدارة على كل فلس يذهب هباءً.. من يرد الإصلاح من الشعب فعليه أن يبدأ بنفسه وكفانا لوماً لـ«الآخرين».

د. شملان يوسف العيسى

Tuesday, May 13, 2014