حقوقيون لـ «الأنباء»: نار خصخصة التعاونيات لن تحرق إلا جيب المواطن
- محمد العتيبي: القطاع الخاص وضغطه على التعاونيات سبب الغلاء المصطنع
- العجمي: خصخصة التعاونيات محاولة فاشلة للقضاء على العمل التعاوني الرائد في الكويت
- السند: على المجالس المعينة أن تكون سلاح الردع الأول لمحاربة الغلاء المصطنع
- الرويلي: أقترح إشراك ديوان المحاسبة في المراقبة المالية على التعاونيات
- عبدلله العجمي: أهالي العدان والقصور يعانون من غياب دور مجالس الإدارات
- الهاجري: الغلاء المصطنع نتيجة جشع البعض وسعيهم وراء الربحالشخصي
- العتيبي: خلل ملحوظ في اتحاد الجمعيات وارتفاع أسعار ما يقارب800 سلعة
كريم طارق
أكد عدد من الحقوقيين والعاملين في المجال التعاوني سابقا ضرورة مواجهة الغلاء المصطنع في الجمعيات التعاونية، ووضع قانون يمنع احتكار التجار والشركات لبعض السلع، معلنين رفضهم التام لخصخصة القطاع التعاوني لانه في الاصل بمكانته التاريخية والاجتماعية لا يهدف الى الربح ولكنه يصب في مصلحة المواطن بالدرجة الأولى والأخيرة. لافتين الى ان المشكلات التي تواجه القطاع التعاوني تؤثر بشكل كبير على المواطن بالدرجة الأولى، لما تصحبه معها من غلاء في الأسعار.
في البداية، أكد المحامي محمد العتيبي أن الجمعيات التعاونية الاستهلاكية هي ملك للمساهمين باعتبارها ذات ناشط اجتماعي بصفة عامة، ولا تهدف للربح المباشر، مشيراً إلى أن مشكلات ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية التي يعاني منها المواطنون في بعض المناطق تعود إلى نسبة المساهمين في تلك الجمعيات ومقدار الامكانيات المتاحة لديهم لدعم تلك التعاونيات والسلع المتواجدة بها.
وأرجع أسباب الغلاء المصطنع في التعاونيات إلى القطاع الخاص وضغطه على التعاونيات لرفع الأسعار وغلاء السلع يتحملها المواطن بالدرجة الأولى، مشيراً إلى إهمال بعض مجالس الإدارات للهدف الرئيسي من إنشائها كونها لا تسعى إلى الربح المباشر، لتعطي أولوياتها إلى الأمور المالية التي من شأنها أن تمس الأسعار لترفع نسبتها، مما يخلق تفاوتاً في الأسعار بين الجمعيات التعاونية على الرغم من تشابه السلع.
مشددا على ضرورة احترام الكيان الاجتماعي للجمعيات التعاونية، باعتبارها مفخرة للكويت على مستوى الخليج والوطن العربي والدولي أيضا.
محاولة فاشلة
من جانبه، اعتبر الباحث القانوني حسين العجمي أن الخوض في مسألة خصخصة التعاونيات ما هو إلا محاولة فاشلة للقضاء على العمل التعاوني الرائد، واحتكار ما يعرف بتجارة التجزئة من خلال السيطرة التامة على منافذ البيع والتسويق ورفع الأسعار على المستهلكين، لافتاً إلى أن التعاونيات تتمتع بملكية خاصة كونها ليست خاضعة لأملاك الدولة، وتبعيتها لأموال المساهمين وهو ما يجعل التطرق إلى خصخصتها أمرا مخالفا للدستور الكويتي الذي يضمن لها كيانها المستقل.
وأضاف العجمي ان كثرة المشاكل التي تحدث في مجالس إدارات التعاونيات هي نتيجة طبيعية لفرض ما يعرف بـ «الصوت الواحد» الذي ينتج عنه الكثير من المشكلات التي تضر بمصلحة العمل التعاوني بشكل عام في الكويت، مرجعاً السبب في ارتفاع الأسعار وغلاء السلع في التعاونيات إلى الاحتكار وعدم التنوع وإفساح المجال للشركات الجديدة أو الصغيرة، بالإضافة إلى جشع التجار بالتعاون من اتحاد الجمعيات «الصوري» الذي يقوم باعتماد تلك الأسعار المرتفعة التي تضر بالمواطن، مؤكداً أن تفاوت الأسعار بين التعاونيات يرجع إلى تفاوت الكثافة السكانية بين المناطق والمحافظات في الكويت.
وأكد العجمي ضرورة تفعيل دور حماية المستهلك بوزارة التجارة وفرض العقوبات المعلنة على جميع الجهات التي تتسبب في الارتفاع غير المبرر للأسعار، الى جانب عدم سماح اتحاد الجمعيات باعتماد تلك الشركات المصطنعة، مشيرا الى ان ضبط أسعار السلع في التعاونيات لا يتم الا بتشديد الرقابة وعدم السماح للتجار والشركات بخلق زيادة غير مبررة، بالإضافة الى فتح الأبواب للمستثمرين الصغار ودعمهم بهدف إلغاء الاحتكار الذي تفرضه الشركات الكبرى.
لمحة تاريخية
من جانبه، عرض عضو جمعية الحقوقيين الكويتية مشاري السند الجانب التاريخي لنشأة الجمعيات التعاونية في الكويت، مشيرا إلى أن المحاولات الأولى لتأسيس قطاع التعاون الاستهلاكي كانت بمدرسة المباركية عام 1941، ونتيجة لنجاحها في أداء مهمتها تولت المدارس الأخرى إنشاء هذه الجمعيات.
وأوضح أن رفض المواطنين لخصخصة التعاونيات هو أمر ليس بالغريب، لافتاً إلى أنه في حالة خصخصتها فلن تستطيع وزارة الشؤون الرقابة عليها باعتبارها الجهة المخولة حالياً بمراقبة أداء العمل التعاوني، لتصبح في تلك الحالة خارج سيطرتها وتقع تحت سيطرة التجار.
وفيما يتعلق بدور أعضاء مجالس إدارات التعاونيات، أكد أهمية الدور الذي يقع على عاتق تلك المجالس في محاربة الغلاء المصطنع الذي يفرضه بعض التجار والشركات، وذلك من خلال تفعيل دورهم الرقابي في رفض الارتفاع غير المسبب في السلع وعدم السماح لها بدخول التعاونيات في تلك الحالات، حتى يكونوا عبرة لباقي التجار، لافتاً إلى أنه على تلك المجالس المعينة من قبل المساهمين أن تكون سلاح الردع الأول لمحاربة الغلاء.
إحباط واستياء
من ناحيته، أشار العضو السابق في تعاونية العدان والقصور عبدلله العجمي إلى أن أهالي المنطقة يعانون من إحباط واستياء لغياب دور مجالس الإدارات المختلفة، لافتاً إلى أنه على الرغم من اعتراضه الشديد على خصخصة التعاونيات، إلا أنها تعد في الوقت الراهن أفضل الحلول لما يعانيه المساهمون من ارتفاع جنوني لأسعار السلع وندرة الخدمات المقدمة لأهالي المنطقة، مشيراً إلى أن الغريب في الأمر هو أن إيرادات الجمعية تعد من أعلى الإيرادات في الكويت.
وأضاف أن المجلس الحالي للتعاونية لم يقدم حتى الآن أرباح المساهمين عن السنة المالية السابقة، نتيجة سوء الإدارة، وغياب الرقابة الفعلية من قبل وزارة الشؤون وعدم بحثها عن المشكلات المتعلقة بتوزيع الأرباح، مؤكداً ضرورة فرض «الشؤون» رقابة صارمة على مجالس إدارات التعاونيات، بالإضافة إلى إلزام مندوبيها بحضور كل الجمعيات العمومية للتعاونيات.
قانون لمنع الاحتكار
بدوره، أكد نائب رئيس جمعية الصباحية وفهد الأحمد ورئيس لجنة المشتريات سابقاً م.عبدالرزاق الرويلي أن الجمعيات التعاونية هي أكبر سوق لتصريف السلع الغذائية والاستهلاكية ولن تحكمها المزاجية والمصالح الشخصية، مقترحاً تفعيل قانون منع الاحتكار على كل السلع وفتح باب الشراء والاستيراد المباشر لتخفيض الأسعار.
واضاف انه يعارض خصخصة أي قطاع حيوي في الكويت، مشيراً إلى ان خصخصة التعاونيات ستلحق أضراراً كبيرة بالمواطن وتصب في مصلحة التجار وتمكنهم من السيطرة والتحكم في أسعار السلع والمنتجات، مشيراً إلى أن المواطن يستشعر بشكل ملحوظ اختلاف أسعار السلع والغلاء المصطنع من تعاونية لأخرى، وهو ما يدل على غياب الدور الفعال للاتحاد، الذي من المفترض أن الهدف من تأسيسه هو توحيد أسعار السلع، حتى لا يشعر المواطن بفروقات كبيرة في الأسعار بين تعاونية وأخرى.
وأرجع أسباب الغلاء المصطنع الذي تشهده التعاونيات إلى تواطؤ بعض مجالس الإدارات مع فئة جشعة من التجار، إلى جانب تراخي وزارة الشؤون في محاسبة تلك الفئة وفرض الرقابة المالية والإدارية بما يكفي، مشيراً إلى أن تفاوت الأسعار بين التعاونيات يعود في بعض الأحيان إلى اختيار مجالس الإدارات الناجحة التي تؤدي عملها بجدية لإرضاء المساهمين والمواطنين.
واقترح الرويلي اشراك ديوان المحاسبة في المراقبة المالية على التعاونيات، باعتباره الجهة الرقابية المالية التي تقوم بالمحاسبة والتدقيق على كل وزارات الدولة.
عقوبات رادعة
من جانبه، قال محمد الهاجري إن خصخصة التعاونيات بعيدة كل البعد عن مصلحة المواطن، الذي يعاني من مشاكل متعددة تتمثل في ارتفاع أسعار السلع والمنتجات الغذائية والأساسية، بالإضافة إلى تفاوت تلك الأسعار من جمعية إلى أخرى نتيجة جشع بعض التجار ومجالس الإدارات وسعيهم وراء الربح الشخصي وتفضيله على مصلحة الجمعية وتحسين أدائها.
وأكد الهاجري ضرورة أن تقوم الحكومة بتشكيل لجنة مكونة من وزارتي التجارة والشؤون واتحاد الجمعيات التعاونية، بهدف توحيد أسعار السلع على كل التعاونيات حتى لا يتم استغلال المستهلك، من خلال وضع اجراءات قانونية وعقوبات رادعة لغير الملتزمين بتلك الأسعار.
من جهته، أكد العضو السابق في احدى التعاونيات فلاح العتيبي أن الاحتكار هو السبب الرئيسي وراء الغلاء المصطنع الذي تشهد التعاونيات في الكويت، وذلك لتحكم بعض التجار في السوق، لافتاً إلى وجود خلل ملحوظ في اتحاد الجمعيات التعاونية وخاصة لجنة الأسعار، مدللاً على ذلك بارتفاع أسعار ما يقارب 800 سلعة.
وأضاف أن بعض أعضاء مجالس الإدارات هم في الأصل تجار بعض السلع، مما يدفعهم إلى المضاربة الربحية، والتي منعها القانون عبر منع دخول عضو مجلس الإدارة بالمتاجرة في الجمعية التابع لها، موضحاً أن المشكلات التي تعاني منها التعاونيات يتحمل جزء منها أعضاء مجالس الإدارات لعدم تفهمهم لدورهم التعاوني وقلة خبرتهم في العمل التجاري والتسويقي والأمور المتعلقة بالعرض والطلب والتعاملات التجارية مع الموردين والمستهلكين، مما يخلق مشكلات بين الأعضاء في طرح آرائهم وطغيان الأغلبية على الأقلية وسوء الإدارة.
استيراد موحد للسلع
وبين العتيبي أن عدم موافقة الحكومة على اشتراك الجمعيات التعاونية ممثلة بالاتحاد في استيراد موحد لبعض السلع الاستهلاكية من الأسباب الرئيسية لغلاء الأسعار واختلافها من جمعية لأخرى، مشيراً إلى ان ذلك المقترح سيسهم بشكل كبير في خفض الأسعار وتحسين جودة المواد الغذائية الاستهلاكية، لافتا إلى أن دور وزارة الشؤون أصبح طاغياً على مجالس الإدارات بعد قرار 35/2014 الذي قلص دور وصلاحيات مجالس الإدارات وتدخل في بعض الاختصاصات، مما نتج عنه تقلص الانتاج في الجمعيات.
وطالب العتيبي بضرورة وجود أسلوب ومنهج واضح يتبناه الاتحاد بالتعاون مع «الشؤون» يلزم من خلاله عضو مجلس الإدارة بالخضوع واجتياز دورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر تتعلق بالأمور التسويقية والتجارية والإدارية كشرط أساسي لقبول عضويته، ما يمكنه من إدارة التعاونية بأسلوب منهجي، مشيراً إلى أهمية إعادة مراجعة النظام القانوني للجمعيات، والذي يعرقل العمل التعاوني ويحد من مسيرته، مثل النظر في الأمور الحسابية والمتعلقة بالتدقيق بشكل ربع سنوي، مما ينشط ويحسن أداء الجمعية ويمنحها قدرا أكبر من الاستقلالية.
مقاطعة المتسببين
وفي السياق ذاته، أكد فيصل الشمري ضرورة تفعيل الدور الرقابي على مجالس الإدارات التي تتسبب في الكثير من الخسائر المادية للجمعيات التعاونية، وتدفع الدولة تجاه خصخصتها، مشيراً إلى أن سوء الإدارة هو السبب الأول للغلاء المصطنع في التعاونيات، نتيجة جهل البعض بأصول التجارة والمحاسبة.
وأضاف أن تفاوت الأسعار بين تعاونية وأخرى خير دليل على نجاح بعض مجالس الإدارات في تلبية احتياجات المنطقة دون الاضرار بجيب المواطن، مناشداً أهالي المناطق ضرورة رصد ذلك التباين في الأسعار ومقاطعة التعاونيات التي تتعامل مع التجار الذين يقفون وراء ذلك الغلاء.