العتيبي: «الخصخصة» نسف لمسيرة العمل التعاوني الرائدة
أكد رئيس مجلس الادارة في جمعية الزهراء التعاونية المهندس سعد محمد العتيبي ضرورة خلق شراكة حقيقية بين القطاع التعاوني والقطاع الخاص تقوم على أسس واضحة بعيدا عن فكرة الاستحواذ والسيطرة، مشيراً الى أهمية المحافظة على كيانات الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في دولة الكويت وتوسيع دورها الاجتماعي والمؤسسي والثقافي على جميع الأصعدة. وأضاف العتيبي في الورقة التي قدمها بعنوان مستقبل الجمعيات التعاونية في دولة الكويت... ومشروع التخصيص في الجلسة الثانية للملتقى الدور الاستراتيجي للقطاعين التعاوني والخاص في الأمن الغذائي بأن دولة الكويت كانت ومازالت سباقة ورائدة في العمل التعاوني، وتعتبر الجمعيات التعاونية نموذجا ناجحا ومميزا على مستوى المنطقة، فقد جاء الهدف من تأسيسها ليعزز مبدأ التعاون بين أهالي الأحياء السكنية.
وأشار الى أن مشروع تخصيص الجمعيات التعاونية في دولة الكويت طريق شائك ومحفوف بالشبهات الدستورية وخطوة غير مسبوقة لنسف مسيرة العمل التعاوني التي تجاوز عمرها 50 عاما.
وألمح العتيبي الى أنه كان هناك تجاوزات من بعض الجمعيات فلابد من سن قوانين وتشريعات جديدة تحقق احكام الرقابة على القطاع التعاوني وتحفظ هذا الصرح من اطماع المتلاعبين سواء كانوا أعضاء مجالس ادارات أو تجار أو موظفين حكوميين أو عاملين في الجمعيات التعاونية. وشدد على أهمية نشر الوعي الخدمي وتعزيز الثقافة التعاونية لدى المواطنين وتشجيع الشباب على العمل التطوعي في المناطق والأحياء السكنية الامر الذي سينعكس ايجاباً على استثمار أوقات الشباب وصقل مواهبهم.
وفي ما يلي نص الورقة: عاش الكويتيون منذ ما يزيد عن 300 سنة على مبادئ التعاون والتعاضد والتآلف في مختلف مناحي الحياة اليومية، وقد جبل أهلها في البر والبحر على التكافل الاجتماعي، وكان التشاور بين أهل الكويت في أمور معيشتهم سمة سائدة بين الجميع وكان الانفتاح على العالم الخارجي احد معالم هذه البلاد حيث امتهن الرجال السفر والغوص كنوع من التبادل التجاري مع البلدان الأخرى لاستيراد ما تحتاجه الأرض وأهلها. وكانت البذور الأولى للعمل التعاوني في العام 1941 حيث تأسست اول جمعية سميت الجمعية التعاونية المدرسية في المدرسة المباركية وتوالت بعدها مدارس أخرى في تأسيس جمعيات مشابهه في مدرسة صلاح الدين في منطقة الشامية وذلك في العام 1952. وتطور الامر الى تحركات أكبر حيث تم في العام 1955 تأسيس الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في بعض الدوائر الحكومية وكانت أولها لموظفي دائرة الشؤون الاجتماعية ثم لموظفي دائرة المعارف، وتم تطبيق أحكام قانون الأندية والمؤسسات الاجتماعية عليها نظراً لعدم وجود قانون للتعاون آنذاك. بعد تأسيس الدولة شعر الكويتيون بأهمية وجود كيانات تعاونية داخل الأحياء السكنية الأمر الذي استدعى وجود تشريعات وقوانين منظمة للعمل التعاوني، فكانت القيادة السياسية سباقة آنذاك في دعم ومساندة فكرة انشاء الجمعيات التعاونية تطبيقاً للمادة (23) من الدستور التي نصها: الدولة تشجع التعاون والادخار وتشرف على الائتمان، فصدر القانون رقم 20 لسنة 1962 والتي تناولت نصوصه كيفية انشاء الجمعيات التعاونية والعضوية فيها وكيفية ادارتها والرقابة عليها وحلها وتصفيتها وقد سبق التعاون الاستهلاكي غيره من التعاونيات الأخرى حيث تأسست في عام 1962م أولى الجمعيات التعاونية الاستهلاكية الرسمية في منطقة كيفان ثم توالى انشاء الجمعيات الاستهلاكية الأخرى حتى وصل عددها الآن أكثر من 64 جمعية تعاونية. ومنذ ذلك الحين انطلقت مسيرة الحركة التعاونية في دولة الكويت على مستوى دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط فكانت مسيرة مليئة بالانجازات والنجاحات المضيئة، ومن اهم عوامل هذا النجاح هو دعم الدولة من خلال الأجهزة الحكومية للعمل التعاوني على جميع الأصعدة.
تأسيس اتحاد الجمعيات التعاونية
خطت الحركة التعاونية خطوة غير مسبوقة في العام 1971 عندما تم انشاء اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية ليكون باكورة العمل الجماعي في قطاع التعاون، فلعب الاتحاد دوراً محورياً لتمثيل دولة الكويت في المحافل الدولية والعربية والدفاع عن مصالح أعضاء الجمعية العمومية ودعم العمل التعاوني المشترك. ومع انتشار النهضة العمرانية في أرجاء الكويت وضواحيها بدأت أعداد الجمعيات التعاونية في تزايد وبدأت المنافسة بين تلك الجمعيات في تقديم كل ما هو جديد لمساهميها وتأدية رسالتها في توفير السلع والمنتجات والخدمات المختلفة، ونتيجة لتطور دور الجمعيات بشكل لافت قامت الدولة في العام 1975 باسناد مهمة توزيع التموين المدعوم الى الجمعيات التعاونية بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة حيث تولت الجمعيات عملية توزيع تلك السلع على المواطنين كل حسب موقع سكنه.
وتطور الدعم الحكومي للجمعيات التعاونية عندما أصدر مجلس الوزراء قراره الشهير بوقف التراخيص للمحلات التجارية في المناطق السكنية تدريجيا حتى أصبحت الجمعيات التعاوينة بأسواقها وأفرعها هي التي تغطي الأنشطة التجارية داخل المناطق السكنية.
ومع مرور الوقت، أصبح اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية عضوا نشطاً في المنظمات العالمية والعربية حيث حقق في مارس 1981 عضوية الحلف التعاوني الدولي، كما ساهم الاتحاد في أغسطس 1981 مع مجموعات عربية في انشاء الاتحاد التعاوني العربي ايذاناً بالانطلاق نحو المحافل العربية والدولية.
إنجازات مضيئة للجمعيات التعاونية
لعل الانجازات التي حققتها الجمعيات التعاونية في دولة الكويت خير دليل على الوضع المتين للعمل التعاوني بشكل عام، فقد توالت النجاحات للجمعيات التعاونية على مدى 50 عاماً في المناطق والأحياء السكنية بشكل يلفت الانظار ليس على مستوى دول المنطقة الخليجية والعربية وحسب بل على مستوى العالم بشكل عام، فقد حققت سمعة العمل التعاوني في دولة الكويت انتشاراً واسعاً ولاقت التجربة الكويتية استحسان كل من اطلع على هذه المسيرة التعاونية، فكانت هناك اشادات متتالية من الضيوف الزائرين لدولة الكويت عندما يطلعون عن قرب على ما قدمته الحركة التعاونية على سنوات طويلة. وقد لا يتسع المجال لسرد تلك الانجازات ولكنه من المفيد الاشارة الى آخر انجازات الجمعيات التعاونية هو ما حققته جمعية الزهراء التعاونية في مايو 2015 كأول جهة رسمية في دولة الكويت تقوم بتدشين مشروع رفع كفاءة الطاقة وتوليدها باستخدام الخلايا الكهروضوئية في خطوة غير مسبوقة لتوفير الطاقة الكهربائية حيث يأتي هذا المشروع الوطني بدعم وبتوجهيات مباشرة من حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ايماناً من سموه بأهمية التحول الى الطاقة البديلة كمشروع استراتيجي لدولة الكويت وتنويع مصادر الطاقة الكهربائية من خلال الطاقة المتجددة، ذلك المشروع الوطني الرائد الذي يرى النور بتخطيط وتنفيذ ورعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ومعهد الكويت للأبحاث العلمية والشركة الوطنية لمشاريع التكنولوجيا. ولاننسى الدور الاستراتيجي الذي لعبته الجمعيات التعاونية أثناء الاحتلال العراقي لدولة الكويت في العام 1990 حيث لعبت دوراً حيويا في تزويد الكويتيين بالسلع الضرورية فكانت الأسواق المركزية للجمعيات وأفرعها تعمل باستقلالية بعيداً عن سلطات الاحتلال فكانت علامة بارزة في تكاتف الكويتيين وتماسك الجبهة الداخلية آنذاك. وقد لعبت الجمعيات التعاونية دوراً حيوياً في اثراء الحركة التجارية في دولة الكويت وانعاش الدورة الاقتصادية في قطاعات مختلفة سواء في التجزئة والجملة أو في القطاعات الصناعية والتجارية، فقد حققت سياسة الشراء المشترك فوائد متعددة للعمل التجاري في الكويت، كما كان للاستيراد الخارجي لبعض السلع الضرورية التي يحتاجها المواطن والمقيم الأثر الكبير في توازن الأسعار في السوق المحلي.
مشروع التخصيص
فكرة تخصيص الجمعيات التعاونية ليست فكرة جديدة بل هي قديمة حاول البعض طرحها بعد تحرير دولة الكويت في العام 1991 ولكنها رفضت من قبل القيادة السياسية، وكلنا نعرف بأن دولة الكويت كانت ومازالت سباقة ورائدة في العمل التعاوني، وتعتبر الجمعيات التعاونية نموذجا ناجحا ومميزا على مستوى المنطقة، فقد جاء الهدف من تأسيسها ليعزز مبدأ التعاون بين أهالي الأحياء السكنية.
ولم تكن الجمعيات التعاونية في دولة الكويت في يوم من الأيام منفذ بيع للمنتجات وحسب بل كان دورها الرئيسي والمحوري هو الدور المجتمعي بالدرجة الأولى داخل الأحياء السكنية بشكل خاص وعلى مستوى الدولة بشكل عام، فقد تولت الجمعيات التعاونية وباقتدار تنظيم ودعم الأنشطة والفعاليات الاجتماعية والثقافية والتربوية للأهالي وابنائهم ايمانا من القائمين على الجمعيات التعاونية بأهمية تقديم الخدمات الاجتماعية المميزة جنباً الى جنب في توفيرالسلع والمنتجات بأسعار تنافسية وبجودة أكبر على مستوى السوق التجاري في دولة الكويت.
فكيف نأتي اليوم لنلغي مسيرة 50 عاماً بحجة مشروع الخصخصة؟!. ولاننكر وجود بعض الممارسات السيئة هنا وهناك ونعترف بوجود بعض الاخفاقات والاخطاء في بعض الجمعيات التعاونية ولكن ذلك لا يعني الحكم على القطاع التعاوني بمفهمومه الواسع وان تتم معاقبة الجمعيات الناجحة بحجة فشل جمعية أو جمعيتين أو ثلاث، وللأسف بأن بعض وسائل الاعلام المحلية تضخم من تلك الأخطاء وتتغاضى عن الانجازات التي تحققت في مسيرة العمل التعاوني.
وبناء على ذلك وان كانت هناك بعض الأخطاء او التجاوزات التي ترتكب من قبل بعض اعضاء مجالس الادارات، فالحل يكون باحكام الرقابة وتطبيق القانون بشكل صارم وصريح على كل من يتجاوز، فيجب أن يكون هناك توجه حكومي جاد وحازم لاحالة كل متجاوز الى النيابة العامة وذلك لحماية العمل التعاوني بشكل عام وحماية أموال المساهمين بشكل خاص. لذلك فعندما لا تتمكن الحكومة من ضبط العمل في الجمعيات التعاونية ليس الحل باسناد المهمة للقطاع الخاص ولكن الحل يكمن في رفع الاداء الحكومي وضخ الكفاءات الوطنية في قطاع التعاون لمراقبة ومتابعة أداء الجمعيات التعاونية وتطبيق القانون على الجميع من دون استثناء وبعيداً عن الواسطات والمحسوبية.
ويأتي الحل أيضاً في سن قوانين وقرارات جديدة لتطوير العمل التعاوني، وفعلاً تم اصدار القانون رقم 118 لسنة 2013 بشأن نظام الصوت الواحد في انتخابات الجمعيات التعاونية، وقد يكون في القانون مواد جيدة وضابطة للعمل التعاوني وتعالج الكثير من السلبيات السابقة كما أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل القرار الوزاري رقم 35/ت لسنة 2014 بشأن تنظيم العمل التعاوني والذي يتضمن ضوابط ومواد لتنظيم العمل التعاوني واحكام الرقابة والمتابعة عليه.
دستورية خصخصة الجمعيات التعاونية
عندما نتحدث عن دستورية خصخصة الجمعيات التعاونية فهناك نقطة جوهرية لابد الاشارة لها ودراستها بشكل مستفيض، فالجمعيات التعاونية هي عبارة عن شركات مقفلة على مساهمين محددين هم سكان المنطقة نفسها، فكيف تأتي اليوم الحكومة وتدخل ملكيات جديدة على هذه الكيانات؟!
فالمساهمون هم أعضاء الجمعية العمومية وهم الملاك وأصحاب القرار، ولا تملك الحكومة ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الحق في اضافة مساهمين جدد. كما أن الدستور نص في مقدمته على سعياً نحو مستقبل أفضل ينعم فيه المواطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية، ونصّت المادة 20 الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاطين العام والخاص، ونصت المادة 23 على تشجع الدولة التعاون والادخار، لذلك فقد حرص الدستور على أن تقوم الدولة برعاية التعاون، والجمعيات التعاونية شكل من أشكال التعاون.
وهناك من يرى أن قانون الجمعيات التعاونية جاء وفق اطار قانوني تم اقراره في نص المادة 5 من القانون والمكفول بنص المادة 23 من الدستور، فقد أراد المشرّع من تشريع قانون الجمعيات التعاونية تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي، الذي على أساسه تأتي العدالة الاجتماعية، بحماية أصحاب الدخل المحدود والقضاء على الاحتكار والغلاء وتوفير السلع الضرورية بأسعار مناسبة وجودة عالية، لذلك أنشئت الجمعيات التعاونية تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، لتقدم الحماية للمواطن وتعزيز العدالة الاجتماعية، فهل يُعقل أن من أنشأ الجمعيات التعاونية لدعم المواطنين، وخاصة فئة محدودي الدخل، يأتي اليوم ويصدر قانوناً مناقضاً للهدف السامي من قيام هذه الجمعيات؟.
الشراكة بين القطاعين التعاوني والخاص
قد يكون من المفيد أن نتحدث عن الشراكة الحقيقية بين القطاع التعاوني والقطاع الخاص أفضل بكثير من أن نتحدث عن سيطرة القطاع الخاص على كيانات قائمة وناجحة، فأستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. بدر الديحاني (جريدة الجريدة 7/1/2015) يرى أنه بعد أحداث العام 2008 تخلت دول كثيرة لديها اقتصاد صناعي منتج وقطاع خاص انتاجي عن السياسات الاقتصادية المتمثلة في (الخصخصة الشاملة والسوق المنفلتة بلا ضوابط)، لهذا فمن المستغرب أن تتجه الحكومة الكويتية الآن الى سياسة اقتصادية نيوليبرالية نتائجها كارثية اجتماعيا وسياسيا، اذ انها تؤدي الى غياب العدالة الاجتماعية، حيث تتركز الثروة في أيدي القلة مقابل افقار غالبية الشعب (أي محو ما يُسمى بالطبقة الوسطى)، وهو ما أثبتته الأيام في كل من مصر وتونس واليونان واسبانيا مثالا لاحصرا. ويرى د. بدر الديحاني أن القطاع الخاص أيضا لا يخلو من الفساد والصراعات المصلحية التي ستكون نتائجهما كارثية على المجتمع لو تمت خصخصة الجمعيات التعاونية، وخير دليل على أن الفساد من الممكن أن يصيب القطاع الخاص أيضا هو واقع كثير من الشركات الاستثمارية والمالية الذي انكشف بشكل فاضح بعد الأزمة المالية العالمية، علاوة على ما يجري حاليا في سوق الكويت للأوراق المالية.
استطلاع رأي المواطنين
قد يكون أكثر المتضررين من موضوع خصخصة الجمعيات التعاونية هم المواطنون أنفسهم نتيجة تعاملهم اليومي مع تلك الجمعيات وتأثيرها على معيشتهم وغلاء الأسعار، فقد استطلعت جريدة النهار الكويتية في عددها الصادر يوم الجمعة الموافق 22/5/2015 رأي مجموعة من المواطنين حيث عبروا عن استيائهم الشديد من الحكومة نحو الدفع بقانون خصخصة الجمعيات التعاونية، مؤكدين رفضهم لفكرة الخصخصة ومعتبرين ان هذا التوجه بمثابة تدمير لارث اجتماعي عريق اعتاد عليه اهل الكويت من خلال العمل التعاوني على مدى عقود طويلة سارت على طريق التواصل الثقافي والاجتماعي وتوفير كل ما يحتاجه المواطن من مواد غذائية وسلع استهلاكية بأسعار مناسبة بعيدا عن طمع وجشع التجار على حد تعبيرهم. ويرى المواطنون أن الجمعيات التعاونية هي بمثابة ضمان استقرار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية في ظل موجة غلاء الاسعار التي تجتاح السلع بمختلف انواعها، أيضاً وجود الجمعيات التعاونية كان له الدور الكبير في استقرار اسعار السلع وضمان الامن الغذائي للوطن في وقت الأزمات.
ويعتقدون أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تريد من خلال قانون الخصخصة تسليم الجمعيات التعاونية التي تحتضن المئات من الآلاف من المساهمين وتدر ارباحاً جيدة سنويا الى القطاع الخاص والذي يهدف الى الربح على اكتاف المواطنين وتوجيه الأسعار الى الغلاء غير المبرر دون اعطاء فرصة للمواطنين للمساهمة في استقرار الأسعار في حدود المعقول.
وفي المقابل، يعترف البعض بأن العمل التعاوني والجمعيات التعاونية حالها كحال أي عمل مجتمعي لا يخلو من السلبيات، ولكن هذه الجمعيات مع كل ما تمر به فهي اولاً وأخيراً ملك للمواطن الكويتي الذي يعمل ويسهر على استقرار الأسعار، ولا تخضع لقوانين وقواعد وعقلية التجار الربحية، فخصخصة الجمعيات التعاونية ستؤدي الى وصول الأسعار الى أضعاف مضاعفة دون جود سقف محدد لها أو رادع يردعها.
ويؤكد المواطنون أن التاجر في النهاية يسعى ويهدف الى الخصخصة من أجل الأرباح والفائدة حتى لو كانت على حساب قيم اجتماعية سامية دون الاكتراث بالمواطن، وهناك من يرى بأن خصخصة الجمعيات التعاونية كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وهي الطريق الى رفع الأسعار حسب توقعهم.
وهناك من يرى بأن الجمعيات التعاونية هي انجاز كويتي خالص وهي أحد أهم المعالم الجميلة التي تجسد دور العمل المؤسسي في المجتمع الكويتي وفكرة خصخصة الجمعيات التعاونية هي خطة لالغاء وهدم هذا الانجاز الآتي من الزمن الجميل والذي يجسد تاريخا كويتيا رائعا مزدهرا.
فالعمل التعاوني أصبح واقعاً يعود بالنفع على المواطن الكويتي والمقيمين على حد سواء من خلال استقرار الأسعار وعدم استهلاك جيوب المستهلكين بموجة الغلاء التي تضرب العديد من السلع المتداولة خارج الجمعيات التعاونية، والدفع بخصخصة الجمعيات التعاونية هو لمصلحة التجار وليس لمصلحة المواطن وهو الغاء وتدمير للعمل التعاوني في دولة الكويت.
والبعض يعتقد للأسف أن العمل التعاوني او الجمعيات التعاونية دورها مقتصر فقط على توفير المواد والسلع الغذائية للمواطنين والمقيمين بأسعار مناسبة، ولكن يتجاهل أن هناك ادوارا اخرى اجتماعية وثقافية تقوم بها مجالس ادارات تلك الجمعيات التعاونية مما يساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين ابناء المنطقة التي استمرت على مدى سنوات طويلة مع وجود الجمعيات التعاونية، فالخصخصة ستلغي هذا الدور الاجتماعي والثقافي التي كانت تقوم به الجمعيات التعاونية. كما أن هناك تخوفا لدى الكثيرين من القطاع الخاص ويرون أنه يسعى الى الربح فقط بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، وخير دليل على ذلك هو أن المواطن الذي يعمل في تلك الشركات الخاصة لا يضمن استمراره في العمل في حال خسرت الشركة التي يعمل بها، او مرت بضائقة مالية، وبسبب هذه النظرة أصبح المواطن يخشى من تغلغل التاجر في العمل التعاوني والذي هو آخر ما تبقى للمواطن في ظل سيطرة التجار على جميع سبل التجارة والمشاريع الحيوية في الكويت، لذلك فان خلاصة استطلاع جريدة النهار تؤكد أهمية ابعاد القطاع الخاص عن السيطرة على الجمعيات التعاونية.
التوصيات
أكد العتيبي أن خصخصة الجمعيات التعاونية في دولة الكويت هي طريق شائك ومحفوف بالشبهات الدستورية وخطوة غير مسبوقة لنسف مسيرة العمل التعاوني تجاوز عمرها 50 عاما، لذا نرى أهمية دراسة التوصيات التالية: ضرورة خلق شراكة حقيقية بين القطاع التعاوني والقطاع الخاص تقوم على أسس واضحة بعيدا عن فكرة الاستحواذ والسيطرة لما فيه خير وانعاش الحركة الاقتصادية من جهة، وتوازن الأسعار وتوفير السلع الضرورية للمواطنين من جهة أخرى. أهمية المحافظة على كيانات الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في دولة الكويت وتوسيع دورها الاجتماعي والمؤسسي والثقافي على كافة الأصعدة. نشر الوعي الخدمي وتعزيز الثقافة التعاونية لدى المواطنين وتشجيع الشباب على العمل التطوعي في المناطق والأحياء السكنية الامر الذي سينعكس ايجاباً على استثمار أوقات الشباب وصقل مواهبهم. خلق أساليب جديدة تطويرية للعمل التعاوني في دولة الكويت وفتح آفاق جديدة للاستتثمار في الأسواق المركزية والأفرع وفتح تراخيص للأنشطة الصناعية والحرفية في المناطق.
سن قوانين وتشريعات جديدة تحقق احكام الرقابة على القطاع التعاوني وتحفظ هذا الصرح من اطماع المتلاعبين سواء كانوا أعضاء مجالس ادارات أو تجار أو موظفين حكوميين أو عاملين في الجمعيات التعاونية. ضرورة مشاركة وسائل الاعلام المختلفة المقرؤة والمسموعة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة (تويتر انستغرام فيس بوك ) في حملات اعلامية دورية لابراز الانجازات والنجاحات التي تحققها الجمعيات التعاونية من جهة، وكشف المتلاعبين من جهة أخرى.
الخاتمة
قال العتيبي عندما نعرف ان الجمعيات التعاونية والاستهلاكية في دولة الكويت عددها حوالي 64 جمعية سواء تعاونية أو استهلاكية، وتملك منافذ بيع تتجاوز 650 منفذا، وتصل مبيعاتها السنوية الى حوالي 600 مليون دينار، فاننا سنعرف بالتأكيد سر تهافت البعض على الاسراع في تنفيذ مشروع تخصيص الجمعيات التعاونية في دولة الكويت.