دور «التعاونيات» في تنمية البلدان وتطورها
عُرفت التعاونيات أهميتها بوصفها رابطات ومؤسسات، يستطيع المواطنون من خلالها تحسين حياتهم فعلياً، فيما يساهمون في النهوض بمجتمعهم وأمتهم اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً. وبات من المسلم به أنها واحدة من الأطراف المؤثرة المتميزة والرئيسية في الشؤون الوطنية والدولية.
كما بات من المسلم به أيضاً أن الحركة التعاونية تتسم بقدر كبير من الديقراطية، وبأنّها مستقلة محلياً ولكنها متكاملة دولياً، وبأنّها شكل من أشكال تنظيم الرابطات والمؤسسات يعتمد المواطنون أنفسهم، من خلاله، على العون الذاتي وعلى مسؤوليتهم الذاتية في تحقيق غايات لا تشمل أهدافاً اقتصادية فحسب ولكن تشمل أيضاً أهدافاً اجتماعية وبيئية، من قبيل القضاء على الفقر، وكفالة العمالة المنتجة وتشجيع الاندماج الاجتماعي.
وفي عام 1992، وبعد بذل الحركات التعاونية - المنخرطة في عضوية الحلف التعاوني الدولي وعضوية لجنة تعزيز التعاونيات والنهوض بها - جهود ضغط متضافرة، أعلنت الجمعية العامة، بموجب قرارها 47/90 المؤرخ 16 كانون الأول/ ديسمبر1992، السبت الأول من شهر تموز/ يوليو من كلّ عام يوماّ دولياّ للتعاونيات. والهدف من الاحتفال بهذا اليوم الدولي هو زيادة الوعي بشأن التعاونيات؛ وتعزيز نطاق الشراكات وتوسيعها بين الحركة التعاونية الدولية والجهات الفاعلة الأخرى، بما فيها الحكومات، على الأصعدة المحلية والوطنية والدولية، ووقع الاختيار على هذا التاريخ للاحتفال بهذا اليوم حتى يتزامن مع اليوم الدولي للتعاونيات الذي يحتفل به الحلف التعاوني الدولي منذ عام 1923.
لقد أثبتت التعاونيات بمختلف أشكالها وأنواعها قدرتها الفائقة والفاعلة في تعزيز مشاركة كافة الناس في مختلف البيئات والثقافات، بمن فيهم النساء والشباب والمسنون والأيتام والاشخاص ذوو الاعاقة، على أتم وجه ممكن فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعل التعاونيات عاملاً رئيسياً من عوامل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاسهام فى القضاء على الفقر.
بدأت التعاونيات تلعب دوراً هاماً منذ الآن في العديد من القطاعات الاقتصادية، مثل الزراعة، والصيرفة، والتمويل، والتجزئة، والرعاية الصحية. واليوم يتجاوز اجمالي عدد أعضاء التعاونيات حول العالم مليار شخص، في حين يعمل لصالحها أكثر من 100 مليون شخص، أو ما يفوق عدد موظفي الشركات متعددة الجنسيات بنسبة 20%.
انّ النموذج التعاوني في الادارة يتيح الوسائل المطلوبة لادارة الموارد العامة بشكل جماعي، مع تحقيق انتاج عالي الكفاءة في ظل اقتصاد تعاوني يتسم بالانصاف والاستدامة. وتسمح البنية التحتية لانترنت الأشياء بتمكين المستهلجين (أي المستهلكين- المنتجين في آن معاً) من الانتاج والتوزيع بكفاءة عالية، ولكن يجب عليهم التعاون سوية في اطار تعاونيات خاصة بكل قطاع من أجل تحقيق أعلى مستويات الانتاج الجانبي، وتوزيع الموارد بأكثر الطرق انصافاً واستدامة.
ونظراً للتطور والازدهار والتقدم العلمي الذي يعيشه العالم اليوم، فقد وجدت في المجتمعات العربية والاسلامية العديد من طرق التأزر والتعاون بين المسلمين، ومنها انشاء الجمعيات والاتحادات التعاونية والجمعيات والمؤسسات الأهلية (الخيرية). حيث تعتبرالجمعيات والاتحادات التعاونية اليوم من أهم الشخصيات الاعتبارية التي تساهم في الدفع بعجلة التنمية والبناء نحو تقدم البلدان وازدهارها. ولانّ الدين الاسلامي، حثّ المسلمين على الاعتصام والتآزر والتلاحم والتعاون والوقوف بجانب بعضهم البعض، وجعل ذلك من الأخوة الاسلامية، قال عزّ وجلّ: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الاثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة/ 2)، وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» وأيضاً قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «المسلم للمسلم كالبَنَان أو كالبُّنيان يشد بعضه بعضاً».