تعاونيون خليجيون: تراجع الدعم الحكومي يبرز الحاجة للعمل التعاوني
فيما أجمع عدد من التعاونيين الخليجيين، على أن خصخصة قطاع التعاون، لا
تعتبر حلاً للتعامل مع المشاكل والتجاوزات التي تعاني منها جمعيات تعاونية
متعثرة، معتبرين ان الخطوة تساهم في تدمير العمل التعاوني، وخلق مشاكل
كثيرة لا تصب في مصلحة البلد، شددوا في الوقت عينه على أن المرحلة الحالية
المتسمة بتراجع الدعم الحكومي سوف تزيد الحاجة إلى العمل التعاوني، مؤكدين
ان الملتقيات التعاونية الخليجية اذا حققت اهدافها تدريجياً فسوف تساهم في
خدمة مجتمعاتها، وتحقق جانباً حيوياً من السوق الخليجية المشتركة. وأكد
التعاونيون المشاركون في الملتقى التعاوني الخليجي الثالث، خلال زيارة الى
جمعية مشرف التعاونية مساء أمس الاول، للتعرف على تجربة ومرافق الجمعية، ان
العمل التعاوني يعتبر من القطاعات المهمة والحيوية في دول التعاون، مشيدين
في الوقت نفسه بتجربة الكويت الرائدة والمتميزة في هذا المجال. ومن جانبه،
اكد مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية والعمل بدول
مجلس التعاون عقيل الجاسم، ان «خصخصة قطاع التعاون لا يعتبر حلا للتعامل مع
المشاكل التي تعاني منها بعض الجمعيات»، ورأى ان «الخصخصة يجب ان تكون في
القطاعات الحكومية التي تواجه بعض حالات الفساد»، متسائلا في الوقت نفسه
«كيف يتم تخصيص هذا القطاع الذي هو بالاصل قطاع خاص؟!!».
وبدوره، اعتبر رئيس وفد المملكة العربية السعودية،رئيس مجلس ادارة جمعية النحالين التعاونية في منطقة الباحة الدكتور احمد الغامدي، ان «من يفكر في تخصيص قطاع التعاون لا يدرك فلسفة واهمية ودور هذا القطاع في التنمية المستدامة وتوليد فرص العمل وتوفير السلع بأسعار مناسبة، وبمواصفات جيدة وفي الاوقات المناسبة، بالاضافة إلى مكافحة وتجفيف منابع الارهاب»، وشدد على «ضرورة عدم الاختزال او الاعتقاد بان القطاع التعاوني مجرد بقالة»، واكد ان «العمل التعاوني هو عبارة عن مجموعة من القيم وليست سلعة تباع وتشترى»، مضيفاً «يجب ان يدرك كل من يفكر بتخصيص القطاع التعاوني بانه مخطئ خطأً شديداً».
وطالب الغامدي بعض المسؤولين في دول «التعاون»، ان «يعيدوا تقييمهم للقطاع التعاوني، وان يدركوا ان هذا القطاع ليس ديكوراً اجتماعياً، خصوصا وانه ثالث اهم قطاع لاغنى عنه في الدولة، الذي يكمل دور كل من القطاعين الخاص والحكومي»، مؤكدا ان قطاع التعاوني يعزز توجهات قادة مجلس التعاون «لتوطيد علاقات الوحدة بين دول المنطقة من خلال هذا القطاع»، مضيفاً «أنا مطمئن بأن الوحدة الخليجية ستكتمل ان شاءالله». ومن جهته، اشار رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية الدكتور سعد الشبو، ان «دور التعاونيات في الكويت لم يعد مقتصراً على تقديم السلع للمواطنين، بل تعدى ذلك ليشمل النواحي الثقافية والتعليمية والرياضية والتوظيفية، ودعم اصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، عبر عرض منتجاتهم باسواق وأفرع الجمعيات، الأمر الذي يسهم في تحقيق أهداف الدولة لإحداث التوازن المنشود في توزيع القوى العاملة الوطنية بين القطاعين العام والخاص».
واكد ان «تجربة الكويت تعتبر الرائدة في العمل التعاوني في المنطقة الخليجية والعربية، وهي تشهد تطوراً وازدهاراً ونمواً من عام لعام»، معتبرا في الوقت نفسه ان تلك التجربة «اثبتت نجاحها ومدى قوتها إبان الغزو العراقي الغاشم عام 1990».
ومن جانبه، وصف رئيس مجلس ادارة جمعية مشرف عبدالرحمن القديري، قرارات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الجديدة لتطوير العمل التعاوني بـ «الفعالة التي اضافت الكثير من الشفافية واللوائح القانونية، خصوصا ان العمل التعاوني في البلاد تطور اليوم، من توفير السلع الغذائية إلى الجوانب الاستثمارية والتسويقية». واشار إلى ان الجمعية تأسست في عام 1981 «وتعتبر اليوم الجمعية الاولى على مستوى الكويت، من حيث الامور المحاسبية والادارية وايضا نوعية الخدمات الاجتماعية المقدمة للجمهور». وعن خصخصة القطاع التعاوني، قال القديري «هناك 58 تعاونية تغطي جميع محافظات البلاد، منها جمعيات تحقق ارباحاً ونتائج جيدة واخرى للاسف لا تحقق ذلك بسبب الادارة او موقع الجمعية»، مضيفا «لا اعتقد ان تعثر جمعيتين او خمس يؤثر على مسيرة العمل التعاوني في البلاد، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هي من تعالج وتضع الحلول المناسبة لتلك الاخطاء». وبدوره، قال المحاضر والمستشار في مجال التعاون الدكتور يوسف الياس، ان انعقاد الملتقى بحد ذاته، نهج طيب اعتمده مجلس وزراء الشؤون لدول مجلس التعاون، مضيفاً «ان الملتقى يجب ان يسعى حتما لتحقيق هدفين رئيسيين، هما مراجعة مسيرة العمل التعاوني في الخليج، لاستنباط ما هو سلبي، ووضع العلاجات اللازمة، وفي الوقت نفسه استكمال الجوانب الايجابية لتطويرها وتعميقها نحو الافضل، والسعي ايضا لتركيز قواعد صحيحة للعمل التعاوني المشترك، خصوصاً ان دول المجلس تشكل في تكوينها البشري والسياسي والاقتصادي، بيئة صالحة لهذا العمل المشترك». وأضاف «في دراسات التعاونيات أي تكتل تعاوني كلما زاد مساحة وقدرات مالية وعضوية، ساهم في زيادة فعاليته بشكل اكثر وأكبر، لان الزمن لم يعد يسمح لكيانات تعاونية صغيرة وضعيفة غير مقتدرة ماليا ان تصمد، في بيئة أصبح التنافس الشديد فيها سيد الموقف». وقال «المراجعة تكتسب اهميتها، لان الدول تمر في مرحلة لها بعض السمات الذاتية، خاصة في السياسات الاجتماعية والاقتصادية، ومعالم التغير في النهج الاقتصادي، الذي بدأ بمراجعة سياسات الدعم التي سوف تزيد حاجة الانسان إلى العمل التعاوني كوسيلة لتخفيف كلف الحياة عنه»، مؤكدا ان «الملتقيات التعاونية الخليجية اذا حققت تلك الاهداف تدريجياً سوف تساهم في خدمة مجتمعاتها بشكل حقيقي، وتحقق ايضا جانباً حيوياً مهماً من السوق الخليجية المشتركة التي هي قيد التنفيذ والتفعيل».