الدعاة: الإسلام لا يقبل بالزيادة الفاحشة في السلع

 الدعاة: الإسلام لا يقبل بالزيادة الفاحشة في السلع

زيادات غير مبررة في الأسعار، وأصبح غلاء الأسعار جحيما لا يطاق، وأصبحت الحاجات الضرورية بعيدة عن متناول الشخص العادي وأسعارها في ازدياد، حول هذه القضية نتعرف على آراء الدعاة.

اتقوا الله

استنكر رئيس لجنة الفتوى بجمعية إحياء التراث الإسلامي الداعية د.ناظم المسباح ارتفاع الأسعار للعديد من السلع الأساسية، وقال ان هذا الغلو غير المبرر مخالف للعدل ومخالف لقيم الإسلام السامية التي حثت على التعاون والتكافل بين المسلمين ونهت عن استغلال حاجتهم لبعض السلع الأساسية وهذا ظلم على المواطن والمقيم خاصة ذوي الدخول المحدودة.

وعن مواجهة هذه الظاهرة، قال: يتم ذلك عن طريق الحملات الحكومية والشعبية للقضاء عليها ويجوز تدخّل ولي الأمر ومن ينوب عنه في تسعير بعض السلع لمنع ظلم بعض التجار لاسيما ان الشريعة قد جاءت بإزالة الضرر عموما وتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام مراعاة للمصلحة العامة، واستدل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» وقوله: «لا يحتكر إلا خاطئ» فالتسعير ان يسعر الإمام أو نائبه على الناس سعرا يجبرهم على التبايع به والراجح فيه الجواز عند الحاجة العامة لاسيما إذا كانت الأسعار قد رفعت لأسباب مفتعلة بحيث يكون فيها ظلم واقع على المستهلكين فيجوز التسعير حينئذ للمصلحة وهي رفع الظلم عن المستهلكين، وثانيها ألا يكون سبب الغلاء قلة العرض او كثرة الطلب، مؤكدا ان الشريعة الإسلامية وأحكامها العادلة رسخت مبادئ التعاون والتكافل ونهت عن الجشع والطمع والاحتكار واستغلال احتياج الناس الشديد لبعض السلع او المواد لجمع الأموال دون الاكتراث بالأوضاع الاقتصادية لشرائح المجتمع، مبينا ان تقصير السلطتين في هذا الجانب يوقع ضررا كبيرا في المجتمع له أضراره وسلبياته.

جشع التجار

يقول رئيس قسم الفقه وأصوله بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.بسام الشطي: ترجع مسؤولية غلاء الأسعار لأسباب داخلية وخارجية والمسؤولية تقع على التاجر الذي يتلاعب بالسلع من خلال الاحتكار لها فيقوم بتخزينها وإخفائها من أجل رفع ثمنها لتحصيل أكبر كسب منها للإضرار بالناس ظلما وحراما، كما اعتبر ذلك تواطؤا وتآمرا يتمثل في تواطؤ البائعين وتآمرهم للتحكم في سعر بعض السلع لبيعها للناس بثمن معين يحقق لهم الربح الفاحش وبأسعار فلكية تلتهم مدخرات الناس ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلا سمحا اذا باع وإذا اشترى» وطالب د.الشطي بضرورة التسعير من أجل عدم رفع أسعار السلع على الناس وعدم احتكارها ويرى ان التسعير فيه سد للذرائع لأن ترك الحرية للناس في البيع والشراء بأي ثمن دون تسعير أمر مباح في الأصل ولكن قد يؤدي الى الاستغلال والجشع والتحكم في ضروريات الناس وأقواتهم ومساكنهم وغيرها من الضروريات فيقضي الأصل الشرعي بسد هذا الباب بتقييد التعامل بأسعار محددة (لا تظلمون ولا تظلمون).

وأضاف: ان التنافس بين بعض التجار للكسب السريع يؤدي للغلاء وقد يسرت الشريعة للناس سبل التعامل بالحلال لكي تسود المحبة بين الأفراد ولا يعكر صفوها كره أو كدر، ومن أجل ذلك حرم الإسلام الاحتكار لما فيه من تضييق على المسلمين ومن هنا كان الحكم بتحريمه باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم.

خشية الله

وعن غلاء الأسعار واحتكار بعض السلع، يقول د.احمد الكوس: موجة الغلاء تعود في الأساس الى عدم خشية الله من جانب التجار، وقد جاء في الأثر ان الناس في زمن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءوا اليه يشكون غلاء اللحم وطلبوا منه ان يسعر لهم فقال: ارخصوه أنتم، فردوا عليه: نحن نشتكي غلاء اللحم عند الجزارين ونحن أصحاب حاجة فتقول لنا: أرخصوه أنتم فهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس بأيدينا؟ فقال لهم: اتركوه لهم، اي انه لا بد ان تكون هناك مشاركة شعبية رادعة بالامتناع عن السلع غير الضرورية والتقليل قدر الإمكان من السلع الرئيسية حتى يقل بيعها ويخسر المحتكر.. وقد أرسى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قاعدة استبدال السلع المحتكرة بالأخرى الأرخص والتي تؤدي الغرض نفسه او ما يقاربها فقد كتب اليه الناس: إن الزبيب قد غلا علينا فرد عليهم أرخصوه بالتمر.

وإذا اتقى الناس ربهم وخاف التجار من ربهم فسيعم الخير ولكن للأسف فقد ضاعت مراقبة الله وخشيته من القلوب فحل الغلاء وسلط الله بعضنا على بعض وهو سبحانه القائل: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون).

Sunday, October 4, 2015