عدوى حمى الغلاء تنتقل إلى «القرطاسية».. والمستهلك يئن

عدوى حمى الغلاء تنتقل إلى «القرطاسية».. والمستهلك يئن

لا يكاد المواطن يصحو من أزمة حتى يقع في أخرى، فبالأمس القريب عانى ولا يزال من ارتفاع أسعار الأسماك بشكل جنوني، تبعتها الخضار والفواكه، وها هو قبل أيام من موعد انطلاق العام الدراسي يجد نفسه مرغما على شراء المستلزمات المدرسية بالأسعار التي اتفق التجار على وضعها، والتي يراها كثير من المستهلكين استغلالية وغير منطقية.

وعلى الرغم من كل الجهود التعاونية التي بذلتها مجالس إدارات الجمعيات والمهرجانات التي أطلقتها والتي ستطلقها قريبا بتخفيضات مميزة وأسعار منافسة، والتهديد بمحاسبة وطرد الشركات التي تتلاعب بالأسعار او تقدم تخفيضات غير حقيقية إلا أن المستهلك يؤكد أن هناك اتفاقا خفيا بين الكثير من التجار أنفسهم على رفع أسعار منتجاتهم، مدللين على ذلك بأن هناك بونا شاسعا بين سعرها في الكويت والدول المجاورة.

وبسؤال مسؤولي بعض الشركات عن هذه الاتهامات أنحى بعضهم باللائمة على بعض الجمعيات التعاونية في رفعها لقيمة إيجار المتر إلى الضعف من 100 دينار إلى 190 دينارا إلى جانب ارتفاع سعر المنتج من بلد المنشأ والتزام الشركات بدفع رواتب لموظفيها وعمالها والكثير من الاحتياجات الأخرى.

وبين سندان الشركات ومطرقة تشديدات الجمعيات يبقى المستهلك معلقا آماله ورجاءه على معجزة تزيل الغلاء الفاحش وتقيه وابناءه حر الدفع المستمر واستنزاف الاموال، ولكن الواقع لا يشير إلى أي تحرك قد يعيد البسمة إلى الوجوه، فالأسعار تواصل الصعود والضحية تنتظر.

«الأنباء» جالت على بعض الأسواق التعاونية والموازية والتقت رؤساء مجالس إداراتها، كما التقت مواطنين مستهلكين، وأجرت اتصالاتها مع مسؤولي شركات متخصصة في القرطاسية واللوازم المدرسية، ونقلت الصورة بحقيقتها، وفيما يلي التفاصيل:

في البداية، أكد عدد من المواطنين والمقيمين لـ «الأنباء» أن التجار لا يزالون يمارسون سياسة رفع الاسعار للقرطاسية واللوازم المدرسية كل عام، مستغلين حاجتنا إليها بداية العام الدراسي وخلاله، في ظل غياب الرقابة من قبل التجارة وعدم محاسبة الشركات على الإطلاق، مؤكدين ان التجار اتفقوا علينا ولديهم دائما الحجج التي يسوقونها لتبرير الزيادات.

وقال المواطن بدر الخطاف: إن الكويت باتت علامة مميزة في ارتفاع الاسعار وجشع التجار، فما نجده فيها ليس موجودا في أي دولة أخرى، فإذا قارنا على سبيل المثال سعر أي ماركة مع أي دولة مجاورة فإنها بلا شك أغلى منها، من دون أي اسباب مقنعة. وأضاف أن وزارة التجارة اسم على غير مسمى، فهي لا تقوم بحماية المستهلك بل تحمي التاجر، وهذا ليس خاصا بالقرطاسية فقط، وإنما يندرج على جميع المنتجات والسلع، فهل يعقل الا يتمكن المواطن من أكل السمك الموجود في بحر بلاده؟! وتساءل اين التجارة من وصول سعر بعض أنواع السمك إلى 15 دينارا ما يعني 50 دولارا؟ وهل يعقل أن ينفق رب الاسرة جميع ما ادخره في الصيف لشراء بعض كيلوات من الاسماك وسداد قيمة المستلزمات المدرسية. 

وأضاف أننا نسمع دائما بان الجمعيات التعاونية تبيع بسعر التكلفة في مهرجاناتها ولكن العقل لا يقبل ذلك، فهل يبيع التاجر من دون ربح او بخسارة.

بدوره قال خالد الكندري أن ظاهرة الغلاء التي تشهدها الكويت حاليا مردها إلى التجار وأصحاب الوكالات، «يرفعون السعر متذرعين بالارتفاع العالمي، إذن لماذا نجد نفس الماركات وبذات الجودة في دول مجاورة أو عربية أخرى أقل في الأسعار؟»، لافتا إلى أن المعني الأول بالقضاء على جشع التجار هو المستهلك نفسه، «فلنقاطع منتجاتهم، ولنبحث عن البدائل المناسبة». 

ودعا الكندري الجمعيات التعاونية إلى توفير مساحات مجانية لعرض سلع القرطاسية بدل أن يتحجج التاجر بالاتاوات والإيجارات التي تفرض عليه، «سنجد فرقا في الاسعار بعد ذلك، وستكون في متناول يد الجميع».

أما المواطن محمد المحفوظ فقال إن هناك استغلالا واضحا من قبل التجار خلال الفترة قبيل العودة إلى المدارس، فهي فرصة لهم لرفع اسعار منتجاتهم، فنحن بحاجة ماسة إليها، مبينا أنه لا صحة لما يقال من أن الأمر مرتبط بوضع عالمي وإنما هو جشع التجار فقط الذي يحرك مثل هذه المسائل.

مشيرا إلى أن غالبية الدول العربية لم تصل فيها أسعار القرطاسية إلى هذا الحد، وهناك فرق كبير يصل إلى 40% بين الكويت وتلك الدول.

من جانبه اكد عمران حسن أن الغلاء الفاحش انتشر في الجمعيات التعاونية والمراكز التجارية، والشركات تبيع في الجمعيات بأسعار موحدة ولكنها مرتفعة وليست منخفضة، متسائلا عما يمكن أن يفعله وهو لديه 3 أبناء يحتاجون إلى قرطاسية كاملة ومستلزمات مدرسية، مبينا انه بحاجة إلى معاش كامل لتوفير احتياجاتهم. 

مطالبا بحل سريع وعاجل وضبط لجميع الأسعار وعدم السماح برفعها، مقترحا السماح للجمعيات بالشراء المباشر لتخفيض الأسعار، فالكويتي يشتري القرطاسية من الدول المجاورة بربع القيمة في الكويت.

بدوره، قال ولي الامر عبدالولي علي أحمد إن الاسعار التي نشاهدها ليست منطقية على الإطلاق فحقوقنا مغتصبة في الحصول على المنتج بسعر مناسب، مبينا أن الاسواق الموازية تبيع بأسعار اقل إلا أن الجودة مختلفة. 

وأفاد بان من يرغب في شراء منتج بجودة عالية فعليه أن يدفع مبلغا كبيرا، في حين يحصل على منتج أقل بسعر اقل ولكنه ليس بجودة جيدة وهذا بحد ذاته تحد جديد.

وتقول رضوى عثمان انها تفضل أن تذهب لشراء قرطاسية أبنائها بمفردها لأنها ترى أنه بذلك يمكنها شراء الضروريات دون أن تجد نفسها مضطرة لشراء ما هو غير ضروري. الاساسيات فقط». 

كذلك الامر بالنسبة لرنا الشرمند التي ترى أن الاهالي اليوم يفضلون شراء الأمور الأساسية وذلك لأن الأسعار في ازدياد عام تلو الآخر، مشيرة الى أن هذا الامر يحتاج الى فرض نوع من انواع الرقابة.

أما هلا القاضي فقد انتقدت بعض المدارس التي تضيف على القسط المدرسي مبلغا اضافيا تحت خانة القرطاسية والتي تقتصر على الكتب والدفاتر ويقابلها مبلغ مشابه لشراء القرطاسية من أقلام وأدوات ومعدات للمدرسة والتي لا تقتصر على الشراء مرة واحدة بل هي قابلة للتجديد على مدار العام. 

وتضيف أن هذا العام ككل عام سبق اذ ان الناس ستظل تشتري لأبنائها مرغمة رغم ارتفاع الاسعار.

سمية طالب التلميذة في المرحلة الابتدائية تنتظر كل عام موسم العودة للمدرسة لتذهب مع والدتها الى المكتبة وتقول أنها على يقين بأن القرطاسية التقليدية أفضل من تلك التي تنتشر اليوم في المحلات التجارية.

 

التعاونيات تطمئن المستهلك بتخفيضات مميزة وتعد بمحاسبة فورية للشركات المتلاعبة بالأسعار

محمد راتب

 

 

قال رئيس جمعية مبارك الكبير والقرين التعاونية بدر الفزير إن الجمعيات التعاونية دأبت منذ فترات طويلة على إطلاق المهرجانات الخاصة بالقرطاسية والمستلزمات المدرسية وبيعها بسعر التكلفة، وذلك تخفيفا من الغلاء الذي طال الكثير من السلع والأصناف.

وأشار إلى انه وعلى الرغم من الغلاء إلا أن هذه المهرجانات تعتبر المتنفس الحقيقي للمستهلك، فهو يجد فيها عزاء من جهة الاسعار والتخفيضات المطروحة، مبينا اننا اشترطنا على الشركات ان تقدم منتجاتها بأقل الأسعار مع إعلام الشركة بوقف التعامل معها حال مخالفة هذا الشرط مباشرة، وهذا بحد ذاته يعزز مصداقية الجمعية لدى المستهلك. 

ودعا الفزير المستهلكين إلى زيارة المهرجان الذي أطلقته جمعية مبارك الكبير والقرين لمدة شهر في السوق المركزي ق4 الميزانين إضافة إلى مكتبة السوق المركزي رقم 3، مشيرا إلى انه تم استقبال 25 شركة، وهناك اقبال واضح وكبير من أهالي المنطقة والمستهلكين عموما، وقد شهدت المبيعات منذ الساعات الأولى حركة كبيرة بسبب جودة المنتجات والاسعار المطروحة.

نعم هناك ارتفاع في الاسعار

بدوره، أكد نائب رئيس جمعية الشعب التعاونية حمد العوض أن هناك ارتفاعا في أسعار القرطاسية والمستلزمات المدرسية، واستغلالا واضحا وكبيرا من قبل بعض التجار، محملا المسؤولية لوزارة التجارة لانعدام الرقابة على المنتجات وضبط الاسعار.

وأشار إلى أننا لا نخفي الحقيقة، فالزيادة واضحة بشكل لا لبس فيه، وقد لمسناها بشكل مباشر، ولذلك قمنا بمسؤوليتنا تجاه هذا الأمر، وحسنا التعاوني تجاه الاهالي واولياء الامور، وسنطلق مهرجان القرطاسية في فرع المكتبة اعتبارا من اليوم الاربعاء ولمدة شهر كامل وسيكون البيع بسعر التكلفة للجميع.

وأضاف أننا مستعدون لمحاسبة أي شركة تبيع أي صنف خارج جمعيتنا بسعر أقل، وقد تم الاتفاق مع 23 شركة متخصصة في هذا المجال على أن تكون اسعارها منافسة، موضحا أن ثقة المساهم هي الاغلى ولن نفرط فيها على الإطلاق.

جودة عالية وأصناف مميزة

من جهته، بين رئيس مجلس إدارة جمعية القيروان التعاونية زيد العازمي أن مهرجان القرطاسية الذي أطلقته الجمعية ويستمر حتى عيد الاضحى المبارك اسهم في توفير جميع ما يحتاج إليه الاهالي من مستلزمات ومنتجات ذات جودة عالية وقرطاسية وحقائب مدرسية ودفاتر وغير ذلك.

وذكر أننا حرصنا على تنويع الشركات لتحقيق المنافسة فيما بينها بحيث يتمكن أولياء الامور من شراء المنتج الذي يرغبون فيه بالسعر المناسب، مع مراعاة خصوصية المجتمع الكويتي وتقديم أفضل التخفيضات الممكنة.

وذكر رئيس مجلس إدارة جمعية هدية التعاونية عبداللطيف الانصاري لـ «الأنباء» أن وجود ارتفاع في أسعار القرطاسية أو غيرها يجب أن يتوازى من قبل الجمعيات التعاونية بإطلاق مهرجانات حقيقية تقف إلى جانب المستهلك وتخفف العبء عن رب الأسرة، مشيرا إلى أن المهرجان الذي نظمته تعاونية هدية أخيرا جاء مع تأكيد من الشركات المشاركة بأن ما قدمته هو الأفضل سواء من ناحية الجودة أو حتى الاسعار. 

وأضاف أنه رغم أن ثمة أسواق موازية شعبية وغيرها تقدم مجموعة متنوعة من المستلزمات المدرسية إلا أن الجمعيات التعاونية تحرص على أن لا يدخل إليها إلا ما هو فوق المستوى المقبول في الجودة، مع بيعه بسعر التكلفة، وهو ما تسطيع الجمعية فعله لتقديم خدماتها للمساهمين وأبناء المنطقة.

 

شركات القرطاسية تقرّ الارتفاع وتلقي باللائمة على الجمعيات

بسؤال «الأنباء» مسؤولي بعض الشركات عن الاتهامات الموجهة إليهم من قبل بعض التعاونيين والمواطنين أفاد أحد مسؤولي التسويق في احدى الشركات بأن ارتفاع الأسعار سببه عالمي وليس محليا، فالشركة لديها وكالات على سبيل المثال من قبرص وصلت منتجاتها الى أسعار مرتفعة، وهذا بحد ذاته لا يسمح بالتخفيض، وإنما بالبيع وفق هامش ربح يتراوح بين 10 و20% كحد أقصى.

وأضاف ان لدى الشركة كغيرها مصاريف تتعلق بالعمالة والمكاتب والمخازن وأجور النقل وعقود الوكالة من وزارة التجارة التي يتم الدفع لها، موضحا أننا وحدنا أسعارنا في جميع الاسواق ولا يوجد تفاوت على الإطلاق.

واشار إلى ان ارتفاع الأسعار امر حقيقي وليس وهما، فعلى سبيل المثال نجد ان الحقيبة المدرسية التي كانت تباع العام الماضي بـ 13 دينارا تباع العام الحالي بـ 16 دينارا، ولكن الامر كما ذكرنا مرتبط ببلد المنشأ وليس بنا كشركة.

أما أحد المصادر في كبرى الشركات المتخصصة بالقرطاسية واللوازم المدرسية فكشف لـ «الأنباء» أن السبب وراء ارتفاع الأسعار هو الجمعيات التعاونية، حيث نجد عزوفا من قبل بعض كبرى الشركات عن المشاركة في مهرجاناتها لفرضها إيجارات ومساهمات مرتفعة بشكل كبير للغاية. 

ونحن لا نكشف سرا إن قلنا إننا نورد للأسواق الموازية أكثر من الجمعيات التعاونية، لكون الاولى تشتري منا من دون فرض خصومات، أو مساهمات او إيجارات للمتر، وبالتالي فإن الموازي بإمكانه البيع بسعر أقل باستثناء بعض الماركات المعروفة التي لا يمكن إنزال سعرها على الإطلاق.

وبين المصدر ان هناك سببا آخر لارتفاع الأسعار سواء كان من داخل الكويت أو خارجها وهو التكلفة عينها وازدياد المصروفات، والضغط على الشركات للحصول على ايجارات ترتفع بين السنة والاخرى، فإيجار المتر الواحد كان 100 دينار العام الماضي ولكنه ارتفع إلى 190 دينارا العام الحالي، فماذا تفعل الشركة التي تحصل على 20 مترا.

Wednesday, August 26, 2015