تعاونية النسيم إلى «المجهول»
دخلت جمعية النسيم التعاونية في «المجهول» بعدما تخلت وزارة الشؤون الاجتماعية عن مسؤولياتها في مراقبة الجمعية وحماية أموال المساهمين، وتركتها لوحدها تواجه مصيرها المحتوم في العجز المالي وشبهات النهب والسرقة.
جمعية النسيم عانت لسنوات طويلة من شبهات تجاوزات مالية مليونية أوصلت أعضاء بعض مجالس الإدارات إلى النيابة في وقت سابق، وما زالت تواجه المصير نفسه خلال الفترة الحالية، من دون تحرك ولو بسيطا من القائمين على مراقبة الجمعيات التعاونية في وزارة الشؤون.
«النسيم» تنتظرها في 7 سبتمبر المقبل انتخابات مجلس إدارة جديد، ويسبقها بيوم انعقاد جمعية عمومية لأعضائها ومساهميها، ولكن جميع هذه الإجراءات الديموقراطية تأتي في جو «ملوث» تنتشر فيه شبهات السرقات والنهب، في ظل العجز المالي الذي تعاني منه الجمعية.
وزارة الشؤون اتخذت وضعية «الصمت» في ظل شبهات السرقات الكثيرة التي «تفوح روائحها» من الجمعية، والغريب في ذلك أن هناك شكاوى كثيرة توجه للوزارة من قبل مساهمي الجمعية، ولكن لا حياة لمن تنادي، وفي كل شبهة وشكوى تتحرك الوزارة إعلاميا من دون إجراء على أرض الواقع، فهي تصرح فقط من دون قرارات.
عجز مالي
وكشفت الشكوى التي تقدم بها عدد من المساهمين عن عجز مالي مستمر ومتكرر في ميزانية الجمعية لعامي 2013 و 2014، وتعد على أموال المساهمين، معربين فيها عن شعورهم بالظلم بسبب التعدي على أموالهم، محملين وزارة الشؤون مسؤولية ذلك.
ولفت المساهمون في شكواهم إلى أن العجز المالي في عهد الأسواق في ميزانية 2013 بلغ 902 ألف دينار، مشيرين إلى أنه تم إيهام المساهمين بتحويل المسؤولين عن هذا العجز إلى النيابة، من خلال كتب رسمية بإحالتهم من خلال مجلس الإدارة الجمعية، وصاحب ذلك تصريح صحافي من قبل وكيل وزارة الشؤون أعلن فيه إحالتهم إلى النيابة.
واعتبروا أن مجلس الإدارة والشؤون معا اتفقا على تضليل المساهمين بإيهامهم بإحالة مديري أفرع ومساعديهم ومسؤولين في الجمعية إلى النيابة، حيث عمد مجلس الإدارة إحالتهم إلى الإدارة العامة للتحقيقات، ولكنه بعد فترة بسيطة عاد وسحب الشكوى من التحقيقات.
تراجع عن الإحالة
وادعى رئيس مجلس الإدارة كما جاء في كتاب حفظ الجنحة رقم 2014/212 الواحة، أنه وبعد إجراء التحقيق الإداري في الجمعية تبين عدم وجود أي عجز في السوق، وأن النقص الذي تبين عند الجرد كان سببه المهرجانات وتخفيض الأسعار، ولا يوجد أي استيلاء على أموال الجمعية.
وذكرت الإدارة العامة للتحقيقات في كتاب حفظ القضية أنه باستقراء الواقعة تثير بين طياتها جنحة خيانة الأمانة والمؤثمة، وفقا للمادة 240 من قانون الجزاء إلا أن تلك الشبهة سرعان ما انحسرت من الأوراق، استنادا إلى ما قرره رئيس مجلس إدارة الجمعية بعد تقديمه البلاغ في هذه الواقعة، إذ كان يعتقد بوجود عجز أثناء عملية الجرد، وبعد إجراء التحقيق الإداري من قبل الجمعية تبين عدم صحة الأمر الذي انتفت معه الصفة الجرمية، ويتعين معه حفظ التحقيق نهائيا عن الواقعة لعدم الجريمة.
والغريب في موضوع إحالة المتسببين في العجز المالي في الجمعية والذي وصل إلى 902 ألف دينار , ومن ثم سحب الشكوى بحجة أن الجمعية حققت في الأمر، ووجدت أنه ليس هناك شبهة استيلاء على أموال الجمعية، بل السبب هو مهرجانات تخفيض أسعار، أن رئيس الجمعية الذي تقدم بالشكوى هو نفسه من سحب الشكوى، ولكن بعد أن فقد صفته كرئيس وعضو في مجلس الإدارة بما يزيد على 4 أشهر.
مطالبات المساهمين
وعودة إلى شكوى المساهمين فقد طالبوا الوزارة من خلالها بمباشرة التحقيق فيما تم بخصوص عجز المليون دينار لسنة 2013، وبحث أسباب سحب الدعاوى من قبل مجلس الإدارة ومعاقبة المتسترين على الجريمة والتحقيق في تصريح وكيل الوزارة، والتحقيق في عجز 360 ألف دينار في ميزانية 2014، وعدم تمريرها مع إحالة مجلس الإدارة إلى الجهات المختصة.
كما طالبوا في ظل الوضع المالي المهتز عدم السماح بتوزيع أرباح غير حقيقية تكون بمنزلة إعطاء طوق النجاة والتستر على التجاوز المالي وزيادة تضخم مديونيات الجمعية، مما يؤدي بها إلى أن يصل بها الحال إلى تكرار مثال جمعية الدسمة بإعلان الإفلاس، فالأولى تسديد المديونيات، وليس محاباة المتجاوزين.
360 ألف دينار
ذكر المساهمون في شكواهم المقدمة إلى وزارة الشؤون أنه خلال ميزانية عام 2014 تكرر السيناريو نفسه في تجاوزات مجلس الإدارة، إذ إنه نما إلى علمهم بلوغ عجز في عهد الأسواق بما يقارب 360 ألف دينار، مما يدل على أن من أمن العقوبة أساء الأدب، مضيفين «أن أموالنا كمساهمين وجمعيتنا أصبحت عزبة من خلال عدم تطبيقكم القانون، وعدم وجود أي رادع لمجلس الإدارة المخالفة، حيث تكررت المخالفة في عامي 2013 و2014.
السيولة صفر
ذكر المساهمون خلال الشكوى أن المعلومة الخطيرة في ميزانية 2014 أن السيولة النقدية = صفر، وتساءلوا من أين سيتم توزيع الأرباح إذا وافقت وزارة الشؤون على توزيعها؟
بلا صفة قانونية
ذكر المساهمون أن رئيس مجلس الإدارة الذي تقدم بما يقارب 7 بلاغات إلى إدارة التحقيقات ضد عدد من المسؤولين عن العهد في أفرع الجمعية، ثم عاد وسحب البلاغات، ولكنه سحبها بصفته رئيس الجمعية، في حين أنه فقد هذه الصفة قبل 4 أشهر من تاريخ سحب البلاغات.
كسر الوديعة
طلب مجلس الإدارة الجديد بتاريخ 16 - 9 - 2014 من خلال كتاب رسمي موجه للشؤون السماح لهم تسييل مبلغ مليون دينار من ودائع الجمعية في البنوك البالغة 4 ملايين دينار، وذلك لسداد المديونية المرتفعة للموردين على الجمعية.
تعويض المساهمين 700 دينار بحكم تمييز
حصل عدد من المساهمين في جمعية النسيم على تعويض مادي عن الخسائر، وسوء الإدارة التي تعرضت لها الجمعية، بناء على حكم المحكمة، بعدما تقدموا بدعوى أوضحوا من خلالها أن مجلس الإدارة القائم على إدارة الجمعية أساء استخدام المسؤوليات المتاحة له، وسبب خسائر أضرت بمصالح المساهمين، وبناء عليه حكمت المحكمة بتعويض مجلس الإدارة المساهمين بمبلغ 700 دينار لكل منهم.
ويفتح هذا الحكم الباب أمام جميع المساهمين للتقدم بدعوى مماثلة إلى القضاء للحصول على تعويض مماثل 700 دينار، خاصة وأن الحكم الأخير لمصلحة المساهمين يعتبر سابقة في مجال الحركة التعاونية في البلاد، خاصة وأن الحكم حصل على درجة التمييز.
«عين قوية»
اتخذ مجلس إدارة جمعية النسيم إجراءات شطب عضوية المساهمين الذين تقدموا بشكوى ضدهم، ولكن وزارة الشؤون رفضت الشطب، وأوقفت الإجراءات، وأكدت أنه لا يجوز فصل المساهمين من قبل مجلس الإدارة قبل مناقشة القرار في الجمعية العمومية.