إحالة «التعاونيات» إلى النيابة

إحالة «التعاونيات» إلى النيابة

للجمعيات التعاونية المنتشرة في البلاد دور اقتصادي، خصوصاً وأنها تستحوذ على نسبة عالية من تجارة التجزئة في الدولة، كما أن لها وظيفة اجتماعية وسياسية تجعل المساهمين يقدرون ما تقدم من نشاطات فاعلة أو مساهمات تصب في خدمة الناس. فعلى المستوى الاقتصادي تقدر مبيعات الجمعيات بأكثر من (1.5) مليار دولار سنوياً، كما أن عددها في تزايد نتيجة إنشاء مدن جديدة في المستقبل.

إن النظام التعاوني بلاشك ظل ومازال يقدم خدمات ضرورية للسكان، ويعكس رقي التخطيط العمراني والهندسي للمناطق المختلفة التي تضم مختلف احتياجات المواطنين من مخافر ومستوصفات وأماكن خدمة المواطن وغيرها. ومع أن النظام التعاوني مفهوم اشتراكي رأسمالي تعود الملكية فيه للمساهمين، والأراضي للدولة، والرقابة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلا أن هذه الحالة أدت في السنوات الأخيرة إلى جدال حول مدى خصخصة هذه الجمعيات، وكذلك درجة التدخل الحكومي في شؤون الجمعيات بسبب المخالفات والتجاوزات المالية، أو الفساد المتعدد.

ويبدو أن بعض الجمعيات التعاونية وقعت في أزمات نتيجة تفشي الفساد وضعف الرقابة من الدولة على نشاطاتها، ما جعل الكثير منها لا تستطيع الهروب من أزماتها إلا بإحالتها إلى النيابة، خصوصا وأن هناك أوجها متعددة للتجاوزات مازالت بعض الجمعيات تمارسها كهدر أموال المساهمين على عقود غير مقبولة، وانتشار الفساد في قضايا التوريد والمشتروات، وكثرة التعيينات الوهمية حيث يتقاضى الناس رواتب لكنهم لا يعرفون أين الجمعية، إضافة التجاوزات المالية والمحسوبية وغيرها.

ولأن بعض الجمعيات تعاني مشكلات متفاقمة فإن وزارة الشؤون تضطر لإحالة مجالس إداراتها بين حين وآخر إلى النيابة، وتشكل لجان مراجعة وتدقيق للبحث في التجاوزات، فضلاً عن أن بعض هذه الجمعيات أصبحت ميداناً للصراعات السياسية والقبلية والطائفية، ولقد انعكس ذلك في مؤشر الإصلاحات التعاونية الذي جعل جمعية مشرف الأولى (14 في المئة- 65 في المئة)، تليها جمعيتا جابر العلي والفيحاء. وبصفة عامة فإن مدركات الإصلاح لـ (55 في المئة) من الجمعيات التعاونية لا تتعدى (45 في المئة).

لهذا لا بد من مراجعة واقع الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في إطار استراتيجية موضوعية وشفافة تعالج المشكلات الحالية وتقلل من تدخل الدولة بين حين وآخر في حل مجالس الإدارات والإحالة إلى النيابة بدل تجاهل الواقع والانتظار لحدوث أزمات تدعو للتحرك.

إن فكرة خصخصة هذه الجمعيات قد لا تكون الحل المناسب في ظل المخاوف من أن تتحول الجمعيات لتوفير خدمات تجارية على حساب الطبقة الوسطى، خصوصاً وأن فكرة المساهمة الشعبية جعلت الناس أكثر تفاعلاً مع قضايا الجمعية ليس في إطارها التجاري والمادي فقط، وإنما الاجتماعي والثقافي كذلك. إن الواقع المزري لبعض الجمعيات يدعو لسرعة التطوير ومعالجة الفساد انطلاقاً من أهمية دور الجمعيات في خدمة المجتمع.

Sunday, March 29, 2015