تعاونيون ومحللون اقتصاديون: زيادة البنزين لا تبرر مطلقاً رفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.. وللقرار بعض الإيجابيات
انقسم الشارع الكويتي بين مؤيد ومعارض لقرار مجلس الوزراء رفع أسعار
البنزين بنسبة مرتفعة، وذلك لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي، ففي الوقت
الذي سيكون للقرار إيجابيات كتوفير نحو نصف مليار دينار في الميزانية
وتقليص الازدحامات المرورية وتحسين الوضع الصحي إلا أن البعض رآه تهربا من
المسؤولية الملقاة على كاهل الحكومة ومجلس الأمة وتخل واضح عن المواطنين
والمقيمين. وأما بخصوص تأثيرات هذا القرار على أسعار السلع والمواد الغذائية
والاستهلاكية فالبعض كان مطمئنا إلى ان ذلك لن يؤثر إطلاقا على السلع
والمواد في حين رأى آخرون أنه قد يكون حجة لبعض الشركات للمطالبة بالزيادة
التي لن تكون في صالح أي مستهلك. «الأنباء» استطلعت آراء بعض التعاونيين والاقتصاديين للتعرف على تأثيرات قرار مجلس الوزراء برفع أسعار البنزين وفيما يلي التفاصيل: بداية رأى المحلل الاقتصادي حجاج بوخضور ان قرار مجلس الوزراء برفع
أسعار البنزين يجب ألا يؤثر في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وذلك
لكون الكويت دولة مستوردة وليست مصنعة للمواد الغذائية ولا تمتلك قاعدة
إنتاجية، مبينا ان أي قرارات تتعلق بالدعم للبنزين لن يكون لها هذا التأثير
بشكل مباشر. وأكد ان أي تأثيرات ستكون على نطاق ضيق جدا وتحديدا في تكاليف النقل
بحدود 2% فقط وليس التصنيع وهذا يعني أنه لا مبرر إطلاقا لأي شركة في رفع
سعر سلعها، رافضا أي استغلال لهذا القرار من قبل موردي المواد الغذائية تحت
أي حجة من الحجج. وتابع ان القرار له وجه إيجابي يتمثل في تعزيز قيمة الترشيد في
المجتمع وهي قيمة نحتاج إليها بشكل كبير لاستمرارية الحياة فأي رفع لأسعار
المحروقات يجب أن يكون مرادفا لحملة ترشيدية كبرى. وأشار بوخضور إلى ان من إيجابيات القرار الحد من تجارة تهريب الوقود
لكونه أصبح بسعر مرتفع بالإضافة إلى تقليل الهدر وتقليص الازدحامات
المرورية في الشوارع والطرق الرئيسية واللجوء للنقل الجماعي والحافلات. وشدد على ان رفع أسعار المحروقات سيحسن من شعور المواطنين
بالمسؤولية ورفع الحس الوطني ويقنن في الوقت ذاته من تكلفة الدعم على
الحكومة ما يؤدي إلى توفير في الدعم، وبالتالي التوجه إلى الإنفاق التنموي
بدلا من الإنفاق الاستهلاكي. لا مؤشرات وبدوره، قال رئيس لجنة الأسعار في اتحاد الجمعيات التعاونية سامي
المنيخ إننا نقوم بمتابعة تأثيرات القرار على واقع أسعار السلع الأساسية
والاستهلاكية والمواد الغذائية ولم نجد حتى الآن أو نلمس أي مؤشرات على أي
زيادة ولم يصل اللجنة أي طلب زيادة ولا حتى كلام شفهي. وأكد ان الاتحاد يقوم بمهامه على أكمل وجه ويتابع أي طلب للزيادة أو
أي عملية خارجية تجري من دون موافقته ويقوم بتحرير مخالفة للتعاميم بهذا
الشأن، فجميع الجمعيات التعاونية ملزمة بتعاميمنا الصادرة لكون أي تعميم لا
يصدر إلا بعد دراسة متأنية وإجراءات واشتراطات ومبررات مقنعة ومعطيات محقة
يجب أن تتوافر حتى نسمح بها وضمن حدود ونسب معينة فقط. وزاد بأن قرار رفع سعر البنزين ليس حجة مقنعة ولا سببا يستحق أي
زيادة، ونحن في لجنة الأسعار في الاتحاد لدينا ضوابط واشتراطات لا نتجاوزها
مع احترامنا لجميع القرارات السياسية الصادرة التي نعتقد أنها تصب في
المصلحة العامة. وتابع المنيخ بأن بعض الشركات الموردة تتذرع برفع سعر الدولار وهذا
الأمر لا تأخذه اللجنة بعين الاعتبار ما يعني ان البنزين يتم قياسه بنفس
الطريقة، لكون السعر متذبذباً ولا يمكن ضبطه وهذا بحد ذاته مؤشر على عدم
استقرار سعر أي سلعة، وهو مخالف لما نسعى إليه في الاتحاد من ضبط الأسعار
واستقرار السوق وخدمة المستهلكين. وردا على سؤال حول عدد المخالفات التي تم تحريرها خلال شهر رمضان
المبارك لجهة عدم الالتزام بالتعاميم قال لقد قمنا بتحرير ما يزيد على 70
مخالفة لاستغلال المستهلكين خلال شهر رمضان المبارك وهي شاملة عدم الالتزام
بالتعاميم أو رصد سلع في الجمعيات التعاونية ليس لها مرجع لدينا. وتابع ان البعض قام خلال شهر رمضان المبارك باستغلال المستهلكين
ورفع الأسعار وخصوصا بعد النصف الأول من الشهر الفضيل وقد قمنا بضبطها،
مبينا انه يقوم هو شخصيا كرئيس للجنة بجولات مع المفتشين وتحرير المخالفات،
وذلك لضمان الاستقرار السعري وعدم السماح بوجود أي مخالفات وتحقيق المصلحة
العامة للجميع، داعيا إلى احترام التعاميم الصادرة من الاتحاد والالتزام
بها. استغلال الشركات وأما رئيس جمعية مشرف التعاونية عبدالرحمن القديري فأكد ان القرار
صدر من مجلس الوزراء ولكن شركة البترول لم تصل إليها التسعيرة الجديدة
للبنزين بحسب ما نمى إلينا من معلومات، مبينا ان هذا القرار لن يؤثر في
الأسعار. وذكر ان وسائل النقل التي تشمل الشاحنات والناقلات والسفن والطائرات
جميعها ينقل من خارج الكويت وإليها وداخلها ويستخدم وقودا غير البنزين مثل
الديزل وغيره، وبالتالي فإن المواد الغذائية والاستهلاكية ستكون في منأى
عن الزيادة، مبينا أن التأثير بشكل مباشر سيكون فقط على الاستهلاك المحلي
من السيارات فقط. وأوضح ان الكويت ربطت سعر الديزل بالسوق الدولي ما يعني انه غير
ثابت وهذا ما شاهدناه حيث تم رفع أسعاره ثم انخفضت إلا أن المصيبة والطامة
الكبرى أنه في بلادنا أي شيء يتم رفع سعره لا ينخفض إطلاقا وهذا الأمر
مخالف لربط الأسعار بالسوق الدولي. وأعرب القديري عن مخاوفه من استغلال البعض لقرار رفع أسعار البنزين
وخصوصا أصحاب الشركات الموردة، وهذا الأمر مرفوض بالنسبة إلينا جملة
وتفصيلا ولن نقبل به تحت أي شكل من الأشكال أو صورة من الصور، فهذا الأمر
له تأثيرات سلبية كبيرة على أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية مع العلم ان
القرار بحد ذاته له تأثيرات غير مباشرة على السلع. وشدد على أنه لا بد من إجراءات تتم في حال قيام بعض الشركات
باستغلال الوضع وهي تتمثل في تعزيز الرقابة من الجهات المعنية كوزارة
التجارة إلا أن الأمر للأسف ومن خلال التجارب السابقة يفتقر إلى الجدية
وهذا لا يصب في خدمة المستهلك ولا الأسعار إطلاقا. وأضاف القديري ان زيادة الأسعار لا تحتاج إلى حجج وقرارات فبعيدا عن
قرار رفع أسعار البنزين رأينا زيادات مصطنعة في وضح النهار ممهورة
بموافقات رسمية لا نستطيع أن نعارضها أو نرفضها، فالأمر قانوني وليس نتيجة
لقرار من مجلس الوزراء ومع ذلك نقوم بتزويد الأسواق بالبضائع وتنزيلها
ووضعها بالسعر المحدد من قبل الجهات المعنية. وردا على سؤال حول التأثيرات الإيجابية للقرار، أفاد بأنه يرى ان
القرار سليم لكونه سيحد من الازدحامات المرورية بشكل ملحوظ فالشوارع مليئة
بالسيارات والشاحنات وتم فتح الباب على مصراعيه أمام شراء أكثر من سيارة،
مشيرا إلى ان الوضع الصحي في البلاد أصبح غير مقبول والازدحام خانق ويحتاج
الراكب إلى وقت طويل للوصول إلى هدفه، ما يعني ان هذا القرار صائب لجهة
تقليل الازدحامات وتحسين الوضع العام. ورأى القديري ان مثل هذا القرار يجب ان تتبعه خطوات تحسينية وخدمية
بحيث يتم إيجاد بدائل عملية في حال تخلي البعض عن سياراتهم بسبب رفع أسعار
البنزين أو تقليل مرورها في الشوارع، كإيجاد وسائل نقل جماعية على درجة
عالية من التكييف والحداثة، أو إطلاق المترو لتسهيل عملية السير وتخفيف
الازدحام.