استثمار سوق «الدسمة»... قُبلة حياة أم إعلان عن انتهاء القطاع التعاوني؟
منذ وافقت الجمعية العمومية لتعاونية الدسمة على طرح السوق المركزي في
الجمعية للاستثمار، حدث انقسام بين أطراف القضية، وطرح أكثر من سؤال عن
أسباب هذا القرار، وكيفية التنفيذ وكل ما يتبع ذلك من أمور عدة، كانت محل
تساؤل المواطنين عامة وأهالي المنطقة والمساهمين بشكل خاص، إضافة إلى البحث
عن الاسباب الحقيقية التي دفعت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الى اتخاذ
هذه الخطوة والنتائج التي يمكن ان تترتب عليها هذه التجربة التي تعتبر
بمثابة السابقة التاريخية في العمل التعاوني، والتي بناء على نتيجة التصويت
التي جرت ستسمح بالاستثمار في سوقين مركزيين هما سوق جمعية الدسمة وسوق
جمعية بنيد القار بالاضافة الى اسواق ثلاثة افرع.
وأكد مدير ادارة شؤون العضوية واشهار الجمعيات التعاونية بالوزارة حمد المطيري ان مجلس ادارة الجمعية سواء المعين او المنتخب سيقوم بالاشراف على عمل المستثمر طوال السنوات العشر، واوضح ان المستثمرين اصحاب المحال المتواجدة خارج السوق المركزي سيستمرون في عقودهم السابقة نفسها، وان ليس لهم علاقة او تعامل مباشرة او غير مباشرة مع المستثمر.
واشار إلى ان اختيار المستثمر سيكون عن طريق الطرح العام واختيار انسب العروض التي تقدم اعلى دعم وافضل تشغيل، مؤكدا في الوقت نفسه ان قانون التعاون سيطبق بالكامل على جمعية الدسمة كما هو الحال بالنسبة للجمعيات الاخرى بعد عملية الاستثمار وليس هناك اي استثناءات.
بدوره، اوضح المدير المعين من قبل «الشؤون» للجمعية ناجي الرويشد ان الهدف من وراء عقد الجمعية العمومية العادية للتصويت بالموافقة او الرفض على تشغيل السوق المركزي من قبل الغير هو نتيجة وقوع الجمعية في مأزق مالي كبير يتمثل في صدور احكام نهائية واجبة النفاذ ووصل البعض منها بطلب فرض حراسة قضائية أو تصفية الجمعية من الافلاس نتيجة عدم سداد المديونيات، وكثرة القضايا المرفوعة علي الجمعية من قبل الموردين المطالبين بتسديد ديون مستحقة ومرحلة منذ سنوات، بالاضافة الى صعوبة تشغيل مرافق الجمعية لخدمة المنطقة وخصوصا خدمات التموين والاسواق المركزية لعدم وجود ثقة لدى الموردين، ووجود ايضا استحقاق مالي ومحاسبي على اصول الجمعية نتيجة هلاك الاصول الثابتة علاوة على بعض المصاريف المختلفة التي تجاوزت قيمتها النصف مليون دينار.
واشار الرويشد إلى ان ايجاد مشغل ذي خبرة يساعد في معالجة العجز ويساعد على تطوير وخدمة المواطنين وسداد ارصدة الموردين المرحلة من خلال تقديم دعم مالي لاستقلال الجمعية، وفق عقود رسمية تحت اشراف الوزارة تحفظ وتضمن حقوق المساهمين وتهدف ايضا لجدولة سداد مديونيات، مؤكدا في الوقت نفسه ان هذه الخطوة تمت وفق دراسة فنية واستراتيجية تساعد على دعم الجمعية و تقديم افضل الضمانات للحقوق المساهمين والتشغيل الخدمي التعاوني، خصوصا ان اهالي الدسمة وبنيد القار محرمون من خدمات الاسواق المركزية بسبب العجز المالي.
ومن جانبه ،استعرض المستشار عادل الخريبط آلية عمل الجمعية خلال فترة الاستثمار الممتدة للسنوات العشر المقبلة، واوضح انه خلال الخمس سنوات الاولى سيتم فيها تسديد كامل ديون الجمعية وذلك من خلال الايرادات الفعلية لايجارات المحال الاستثمارية والدعوم المالية التي سيقدمها المستثمر، واشار ان المستمثر سيبدأ بتحصيل فوائد استثماره بعد انتهاء الخمس سنوات الاولى، موكدا الجمعية تعاني حاليا من موقف وصفه بـ«الخطير».
واضاف أن «كل الشركات المالية والاستثمارية في العالم لديها اربع خيارات للتعامل مع اي ازمة مالية خانقة تواجهها، اما ان تكون باعلان الافلاس، وهو امر خطير نريد تجاوزه مع قضية الدسمة، او بيع اصل من الاصول، والجمعيات التعاونية كما هو معروف تدير ولاتملك اصولا لتبيعها، او زيادة رأسمال وهو امر غير منطقي، واخيرا ادخال شريك استراتيجي وهو افضل الحلول التي تضمن حقوق المساهمين والدولة».
وبين أن «الشريك الاستراتيجي لن يملك شيئا في الجمعية ولكن سيكون لها حصة من عمليات البيع التي سيتم الاتفاق عليها لاحقا، وهذا الحل سيحمي مصالح الشعب، وفي النهاية نحن غير مسؤولين اذا باع او لم يبع، لان المطلوب منه تسديد الدفعات المالية المقررة خلال فترة العقد التي سيحترمها وستكون تحت مظلة الجمعية العمومية ومجلس الادارة»، مضيفا أنه «يجب اتخاذ قرار، لان الارقام حقيقية وواقعية، لان البديل ليس لمصلحة الجمعية لانه سيكون اختيار الافلاس، لانه مطلوب منها حاليا ان تحقق الجمعية مالم تحققه في الـ 35 سنة الماضية»
معارضون
في المقابل، يرى الفريق المعارض لفكرة استثمار السوق المركزي ان قضية جمعية الدسمة تم تضخيمها بشكل كبير جدا، وانها لا تحتاج لدخول مستثمر لضخ الاموال فيها، محملين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مسؤولية ما حصل نتيجة تخليها عن الجمعية، وعدم ترك اي فرصة او حل امام اهالي المنطقة سوى عن طريق الاستثمار من قبل الغير، مطالبين في الوقت نفسه بادخال اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية ليكون هو الطرف البديل لانقاذ الجمعية من افلاس.
ويرى رئيس مجلس الادارة السابق لجمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية محمد عاشور ان دعوة «الشؤون» لاستثمار السوق المركزي لجمعية الدسمة هي بمثابة بوابة لبيع القطاع الاهلي والخاص، واستغرب من عدم تدخل الوزارة في انقاذ الجمعية كما حصل مع عدد من الجمعيات التي شهدت خسائر مالية ضخمة مثل جمعية الفحيحيل التعاونية والتي كانت تعاني من عجز يقدر بـ 12 مليون دينار والتي تعتبر من انجح التعاونيات حاليا.
وأضاف عاشور ان جمعية الدسمة التي ضخمت قضيتها لاتحتاج إلا إلى 1.5 مليون دينار لانقاذها من مأزقها المالي، وان اتحاد الجمعيات التعاونية قد بعث بكتابين للوزارة من اجل تقديم يد العون والمساعدة لانقاذ الجمعية من الافلاس، متسائلا في الوقت نفسه لماذا لا تستجيب الوزارة مع دعوة اتحاد التعاونيات بدلا ان تقوم بدخال مستثمر خارجي من القطاع الخاص ليدير الجمعية؟!
من جهته، استغرب الوزير والنائب الاسبق خالد الجمعيان مما وصفه بـ «تخلي» الاتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية عن القيام بدوره التعاوني مع ازمة جمعية الدسمة، ويرى ان هناك تغييبا لدور الاتحاد الذي يفترض منه ان يتضامن مع كل الجمعيات في ازامتها انطلاقا من الهدف التعاوني الذي انشئ بسببه، وتساءل كيف سيقبل او يدير اي مستمثر شركة تعاني من ازمة مالية ضخمة ومفلسة، مطالبا في الوقت نفسه بضرورة التريث بقضية طرح السوق المركزي للاستثمار من قبل الغير.
خطوة مدعومة تشريعياً
اتخذت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خطوتها باستثمار السوق المركزي للجمعية بناء على احد اشتراطات إدارة الفتوى والتشريع في مجلس الوزراء، في ردها على كتاب وزارة الشؤون الاجتماعية، في شأن السماح بالاستثمار في بعض الأسواق المركزية للجمعيات التعاونية من خلال شركات التجزئة الكبرى في القطاع الخاص، والتي تتطلب موافقة الجمعية العمومية للتعاونية لإتمام عملية الاستثمار، مع ضرورة تعديل بعض مواد القرار الوزاري رقم (35/ ت) لسنة 2014، الصادر في شأن تنظيم العمل التعاوني، خصوصا المادة (18) الخاصة بالفروع المستثمرة، التي ألزمت «التعاونيات» بإدارة أفرع محددة مباشرة، وعدم جواز طرحها للاستثمار أو مشاركة الغير في إدارتها.
9 ملايين دينار مديونية
أكد عضو مجلس الادارة السابق لجمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية ابراهيم حسن انه يملك مستندات تثبت بأن الجمعية تعاني من مديونية تقدر بتسعة ملايين دينار، وذلك استنادا على الجرد الذي قاموا به العام الماضي.
ولفت إلى أن اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية رفض في السابق وقبل طرح فكرة استثمار الاسواق المركزية من قبل الوزارة التعاون معهم لانقاذهم من مأزقهم، مناشدا الوزارة بضرورة ان تحيل جميع اعضاء ورؤساء مجالس الادارات السابقة الى التحقيقات والنيابة للوقوف عن المتسببين الحقيقيين لهذه الازمة.
أنسب الخيارات
يرى الفريق المؤيد لطرح السوق المركزي للاستثمار ان هذا الخيار أنسب الخيارات المطروحة حاليا لانقاذ الجمعية وضمان اعادة الخدمات إلى سابق عهدها، واكدوا ان اهالي المنطقة وصلوا الى مرحلة من اليأس والألم نتيجة التدهور المستمر للاوضاع والحال التي وصلت اليها جمعيتهم، مطالبين في الوقت نفسه بضرورة ان تحيل الوزارة جميع اعضاء ومجالس الادارات السابقة للنيابة لمعرفة المتسببين لهذه الازمة المالية.
Sunday, February 21, 2016